المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

496

والرسول(صلى الله عليه وآله)يكون بالنسبة للأئمّة(عليهم السلام) من أهل العلم والخبرة، فأهل العلم والذكر بالنسبة لكلّ شخص وفي كلّ شيء بحسبه، وقد دلّت الآية على حجّيّة قول أهل الذكر على الإطلاق.

أقول: إنّ الاستدلال بالآية الشريفة على حجّيّة خبر الواحد غير صحيح؛ إذ يرد عليه:

أوّلاً: أنّ مقتضى سياق الآية، وملاحظة مقطعها الواقع فيه هذه الآية هو أنّها في مقام الاحتجاج مع الخصم الجاهل باُصول النبوّة، المنكر لنبوّة الرسول(صلى الله عليه وآله)، المتخيّل أنّ الرسول ينبغي أن يكون من جنس آخر غير الإنسان، فهذا الأمر ليس صادراً من المولى بما هو مولى ومتقمّصاً قميص المولويّة، كي يحمل على الأمر المولويّ، وإنّما هو صادر منه بما هو مباحث ومحاجّ مع الخصم المنكر لرسالة الرسول(صلى الله عليه وآله)، فلا يدلّ على إيجاب السؤال كي يدلّ على إيجاب القبول صوناً للإطلاق عن اللغويّة، والذي يحتجّ مع الخصم قد يستعين بجملة خبريّة، وقد يستعين بجملة إنشائيّة وبالأمر.

وثانياً: أنّ متعلّق السؤال في الآية المحذوف إنّما يمكن أن يقال بكونه عامّاً بدعوى أنّ حذف المتعلّق يفيد العموم ـ مثلاً ـ لولا وجود قرينة تعيّن ذاك المحذوف، وعندئذ بالإمكان أن يقال: إنّ كون مورد الآية من اُصول الدين لا يمنع عن الأخذ بدلالة إطلاقها على حجّيّة خبر الواحد في الأحكام؛ إذ لا يلزم من ذلك إخراج المورد كي لا يصحّ، وإنّما الثابت هو تقييد إطلاق المورد بأن يقيّد السؤال والقبول في المورد بخصوص فرض حصول العلم، وتبقى الآية في باب الأحكام على إطلاقها، فتثبت بذلك حجّيّة خبر الواحد في الأحكام.

ولكن الواقع أنّ هناك قرينة تعيّن المحذوف في المقام، وهي سياق الآية وتفريعها بالفاء على قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم﴾، فهذه قرينة على أنّ السؤال يكون عن هذا المطلب، وهو كون الرسل السابقين من جنس البشر وعدمه، دفعاً لكلام الخصم المنكر لرسالة الرسول(صلى الله عليه وآله) بحجّة كونه بشراً،