المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

534

الاحتمالات تواطؤ كلّ من الجماعتين على الكذب خصوصاً أنّ هناك طريقاً آخر إلى الكلينيّ، وهو طريق الصدوق عن محمّد بن محمّد بن عصام الذي لم يثبت توثيقه عن الكلينيّ، فهذا يدعم الطريق الأوّل، فيكون صدور هذه الرواية من الكلينيّ مورداً للاطمئنان الشخصيّ. والكلينيّ يروي هذه الرواية عن الإمام(عليه السلام)بواسطة واحدة، وهذا يوجب قوّة هذه الرواية، إلّا أنّ نقطة الضعف فيها هي أنّ تلك الواسطة وهو إسحاق بن يعقوب لم يشهد بوثاقته. نعم، هو شخص حدّث الكلينيّ بورود توقيع إليه من صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، ولا أقلّ من أنّ الكلينيّ احتمل صدقه. ومن المعلوم أنّنا لو ضممنا هذا إلى ما نقلناه عن الشيخ الطوسيّ(قدس سره)(1): من أنّ التوقيعات من قبل صاحب الزمان(عليه السلام)كانت لا ترد إلّا إلى المتّقين الورعين لربما حصل الظنّ بأنّ إسحاق بن يعقوب صادق؛ إذ كان بنحو احتمل الكلينيّ ـ على الأقلّ ـ صدقه مع عدم ورود التوقيع إلّا إلى الممتازين، فلا يحتمل صدق ذلك في حقّ كلّ أحد، وهذه على أيّ حال أمارة ظنّيّة(2)، وهي تفيد


(1) قد مضى منّا التعليق على هذا الكلام.

(2) أفاد (رضوان الله عليه) في وقت آخر بعد ذلك عند ما أراد إثبات ولاية الفقيه: أنّ إسحاق بن يعقوب نقطع بوثاقته؛ لأنّ افتراء توقيع على الإمام في ظرف غيبة الإمام، وفي ظرف تكون للتوقيع قيمته الخاصّة بحيث لا يرد إلّا لثقات الخواصّ، وقدسيّته في النفوس، افتراء توقيع على الإمام في ظرف من هذا القبيل لا يحتمل صدوره عادةً إلّا من خبيث رذل. إذن فهذا الشخص أمره دائر بين أن يكون في منتهى درجات الوثاقة، أو أن يكون من الخبثاء والسفلة، ولا يحتمل عادةً كونه متوسّطاً بين الأمرين. ولو كان الثاني هو الواقع لما أمكن عادةً خفاء ذلك على الكلينيّ ـ مع ما هو عليه من ضبط ودقّة ـ بحيث يحتمل صدقه في نقل ورود التوقيع.