المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

538

والظاهر منه هو الترجيح بالكتاب من باب كونه قطعيّاً لا من باب كونه معجزاً مثلاً. وبكلمة اُخرى: إنّ هذا ترجيح بعنوان تحكيم القطعيّ في الظنّيّ، ولو كان الخبران قطعيّين لما كان فرق بينهما وبين الكتاب حتّى يحكّم الكتاب فيهما، فلا يمكن حمل هذا الحديث على الخبرين القطعيّين، أي: أنّ الإشكال الذي أوردناه على الاستدلال بالطائفة الخامسة عشرة من الطوائف غير التامّة دلالة لا يرد هنا.

ومنها: ما عن محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان عن فلان عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لا يتّهمون بالكذب، فيجيء منكم خلافه؟! قال: إنّ الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن»(1). فإنّ ظاهر هذا هو الفراغ عن حجّيّة خبر مَن لا يتّهم بالكذب؛ إذ الظاهر أنّ خبر مَن لا يتّهم بالكذب لو كان كالقياس لما سأله عن وجه المخالفة، ولكن بما أنّ خبر الثقة يكون في نظر هذا السائل حجّة وطريقاً إلى الواقع ممضى من قبل الشارع انتقل ذهن هذا الرجل إلى


(1) الوسائل، ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 4، ص 77. والسند تمام. وممّا يدلّ على حجّيّة خبر الثقة مرسلة الاحتجاج للطبرسيّ عن الحسن بن الجهم، عن الرضا(عليه السلام)قال: «قلت له: تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة؟ فقال: ما جاءك عنّا فقس على كتاب الله عزّ وجلّ وأحاديثنا، فإن كان يشبههما فهو منّا، وإن لم يكن يشبههما فليس منّا. قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين، ولا نعلم أ يّهما الحقّ؟ قال: فإذا لم تعلم فموسّع عليك بأ يّهما أخذت»(1). ومرسلته أيضاً عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلّهم ثقة فموسّع عليك حتّى ترى القائم(عليه السلام) فتردّ إليه»(2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل، ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 40.

(2) المصدر السابق، ح 41.