المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

540

 

دلالة الإجماع (أو السيرة) على حجّيّة الخبر

الثالث: الإجماع. وروح الإجماع في المقام بعد تصفيته يرجع إلى الاستدلال بالسيرة، والكلام في السيرة تارةً يكون بحسب مقام الثبوت والصور المتصوّرة للسيرة العقلائيّة كبرويّاً في أمثال المقام، وكيفيّة اقتناص الحجّيّة منها. واُخرى يكون بحسب مقام الإثبات، وأنّه هل انعقدت في زمن الأئمّة(عليهم السلام)سيرة على حجّيّة خبر الثقة سواء كانت نابعة من رأي المعصوم، أو كانت معتمدة على أساس السيرة العقلائيّة بأحد أوجهها الثبوتيّة، أو لا؟

 

السيرة بحسب مقام الثبوت:

أمّا المقام الأوّل: وهو مقام الثبوت، أعني: الصور المتصوّرة للسيرة العقلائيّة في مثل المقام، فقد مرّ تفصيل الكلام فيه فيما سبق، ونقتصر هنا على البيان الإجماليّ لذلك فنقول:

إنّ السيرة العقلائيّة في أمثال المقام تتصوّر بأنحاء ثلاثة:

الأوّل: حكم العقلاء بما لهم من عقل لا بما هم عقلاء بالحجّيّة، بمعنى إدراك العقل العمليّ لكفاية العمل بالظواهر أو بخبر الثقة ـ مثلاً ـ في مقام الإطاعة والامتثال. وهذا ما يظهر بالتدقيق في كلام المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)، إلّا أنّه لمّا كان شيئاً بعيداً عن الأذهان علّق عليه المحقّق الإصفهانيّ(قدس سره)(1) بأنّ هذا الحكم من قِبَل العقل إنّما يكون بعد مقدّمات الانسداد، بأن يثبت ـ مثلاً ـ أنّ الامتثال القطعيّ غير ممكن، وأنّ الاحتياط غير واجب، فيحكم العقل بحجّيّة خبر الثقة مثلاً.


(1) راجع نهاية الدراية، ج 2، ص 92.