المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

541

أقول: إنّ المقصود من هذا الوجه ليس ما يرتبط بمقدّمات من قبيل مقدّمات الانسداد، وإنّما روح هذا الوجه وجوهره دعوى القصور الذاتيّ ابتداءً في دائرة حقّ المولويّة، وأنّ المولى من أوّل الأمر ليس له حقّ الطاعة في دائرة ما يخالف الظواهر وأخبار الثقات مثلاً.

الثاني: حكم العقلاء بالحجّيّة التعبّديّة الجعليّة، وهذا الحكم من قِبَلهم يكون بما هم موالي لا بما هم عقلاء، فإنّ العقلاء بما هم عقلاء ليس لهم جعل وتشريع، وإنّما يكون الجعل والتشريع لهم بما هم موالي. وروح هذا الوجه وجوهره هو: أنّ كلّ فرد من أفراد العقلاء تكون فيه دواع ودوافع لو تقمّص بقميص المولويّة لدفعته تلك الدوافع نحو جعل حجّيّة خبر الثقة أو الظواهر ـ مثلاً ـ لعبيده.

الثالث: جري العقلاء بما لهم من مصالح تكوينيّة وعلاقات وأغراض على العمل بخبر الثقة، فالتاجر يعتمد في تجارته على قول من هو ثقة بحسب عالم التجارة، والعامل يعتمد في عمله على قول من هو ثقة بحسب عمله، ومن ينتظر مجيء صديق له من السفر، ويقصد زيارته لدى الرجوع يعتمد على إخبار الثقة بمجيئه و ... ما إلى ذلك(1). هذه هي الصور المتصوّرة للسيرة العقلائيّة في المقام.

وأمّا ارتباطها بمسألة الحجّيّة واقتناصها منها فكالتالي:

أمّا الصورة الاُولى: فارتباطها بالحجّيّة في غاية الوضوح، فإنّ المفروض فيها قصر دائرة حقّ المولويّة ذاتاً فيما يستفاد من الظهور وخبر الثقة مثلاً، فيصبح لا محالة الظهور أو خبر الثقة حجّة ذاتاً على حدّ ذاتيّة حجّيّة القطع بفرق أنّ حجّيّة القطع تنجيزيّة فلا يمكن الردع عنها، وحجّيّتها معلّقة على عدم الردع فتنتهي


(1) وهناك صورة رابعة للسيرة العقلائيّة، وهي افتراض أنّ المولويّات المجعولة عقلائيّاً مجعولة في دائرة الظهور، أو خبر الثقة، ولا تمتدّ إلى ما يخالف الظهور أو خبر الثقة مثلاً.