المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

542

بالردع؛ إذ ليس من المحتمل في المقام علميّاً صحّة دعوى أنّ حقّ المولى عبارة عن العمل بخبر الثقة ـ مثلاً ـ حتّى مع ردعه عنه.

وهذا الوجه في الحقيقة ليس تمسّكاً بالسيرة، وإنّما هو تمسّك بالعقل العمليّ.

هذا. وقد مضى في بحث السيرة أنّ الحجّيّة بهذا النحو لا تفي بتمام الآثار المترتّبة فقهيّاً على الحجّيّة المجعولة من قِبَل الشارع(1) فراجع.

وأمّا الصورة الثانية: فملاحظة حال كلّ واحد من العقلاء وإن كانت تكشف عن أمر مشترك بينهم من دوافع نفسيّة نحو جعل الحجّيّة لخبر الثقة ـ مثلاً ـ لو تقمّصوا قميص المولويّة، لكن يقال في المقام: إنّنا كيف نعرف أنّ الشارع أيضاً كباقي العقلاء، وصنع مثل ما يصنعه العقلاء لو تقمّصوا قميص المولويّة: من جعل الحجّيّة لخبر الثقة؟

ولإثبات ذلك وجوه:

الأوّل: الاستدلال بنفس الاستقراء والتجربة، ودعوى أنّنا جرّبنا واستقرأنا جملة من العقلاء فرأيناهم هكذا، فعرفنا أنّ جميع العقلاء بما فيهم الشارع هكذا.

وفيه: أنّه لا يمكن قياس الشارع بباقي العقلاء بعد إذ كانت أحكامه الإلهيّة غير مسانخة لأحكام باقي العقلاء. وجوهر السيرة بهذا المعنى يتقوّم بنكتتين: ارتكاز كشف خبر الثقة بدرجة مخصوصة عن الواقع في نظرهم، وعدم اهتمامهم بأغراضهم أزيد من تلك الدرجة، ولا سبيل لنا إلى فهم درجة أهمّـيّة أغراض الشارع ومساواتها مع اهتمام باقي العقلاء بأغراضهم.

الثاني: الاستدلال بالإطلاق المقاميّ، وذلك أنّه إذا ثبت أنّ المولى كان في مقام بيان الحجج والأمارات الكاشفة عن مقاصده، وأنّه لم يذكر شيئاً، فنقول عندئذ: إنّه إن كانت الحجّة عنده شيئاً آخر غير ما عليه سيرة العقلاء ومع ذلك


(1) ومضى منّا التعليق على ذلك.