المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

563

الوجه الثالث: ما أفاده المحقّق الخراسانيّ أيضاً من أنّ الأمر دائر بين ناسخيّة الآيات، ومخصّصيّة السيرة. ومهما دار الأمر بين ناسخيّة أحد الدليلين للآخر ومخصّصيّة الآخر له قدّم التخصيص على النسخ(1).

ويرد عليه:

أوّلاً: أنّ هذا إنّما يتمّ في الدليل اللفظيّ، فيقال: إنّ الأمر دائر بين رفع اليد عن ظهور الخاصّ في الإطلاق الأزمانيّ، وظهور العامّ في الشمول الأفراديّ، ولمّا كان النسخ نادراً، والتخصيص شيئاً متعارفاً كان ظهور الخاصّ في الإطلاق الأزمانيّ أقوى من ظهور العامّ في الشمول الأفراديّ، فيقدّم عليه. ولا مجال لمثل هذا الكلام فيما نحن فيه، فإنّ دليل السيرة لا إطلاق له حتّى يقدّم إطلاقه على


(1) هذا ما نقله الشيخ المشكينيّ(رحمه الله) عن المحقّق الخراسانيّ(قدس سره) حين قراءته للكفاية عليه. ولو كان هذا جواباً مستقلاًّ على إشكال معارضة الدور في الرادعيّة بالدور في التخصيص، فقد يقال: إنّ هذا لا يصلح جواباً على ذلك، فإنّ هذا غاية ما يثبت أنّ التخصيص مقدّم على النسخ عند الدوران بينهما، ولكن مشكلتنا هنا هي: أنّ النسخ والتخصيص كلاهما دائريّان ومستحيلان، لا أنّه دار الأمر بينهما، كي يقدّم التخصيص على النسخ. وهذه المشكلة كما ترى لم تعالج، إلّا أنّ الشيخ المشكينيّ(رحمه الله) لم ينقل هذا الكلام عن المحقّق الخراسانيّ بعنوان العلاج لإشكال الدور. وعلى أيّ حال، فأنا أحتمل: أنّ هذا الكلام من المحقّق الخراسانيّ كان تفسيراً لنفس الجواب الموجود في الكفاية عن دائريّة التخصيص، أو كان جواباً آخر مقارباً لهذا الجواب. وحاصله: أنّه يكفي في التخصيص عدم العلم بالردع، فلا دور، والسبب في كفاية ذلك في التخصيص أنّ إمضاء السيرة قد تمّ سابقاً قبل نزول الآيات، فدار الأمر عند نزول الآيات بين نسخ الخاصّ وتخصيص العامّ، والثاني أولى. إذن مع الشكّ في الردع المساوق للدوران بين النسخ والتخصيص يتمّ التخصيص.