المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

576

العمل بالخبر مع الواسطة فهذه السجيّة لها قدر متيقّن لا محالة، ولها موارد للشكّ،فكيف لم يسألوا عن ذلك، أو سألوا ولم يصلنا ؟!

ومنها: أنّه لو كان هناك بناءٌ من قبل أصحاب الأئمّة وفقهاء الشيعة في أيّام الإمام العسكريّ، والجواد، والهادي(عليهم السلام) على التفصيل بين العمل بالخبر مع الواسطة والخبر بلا واسطة، وقد كثر في تلك الأيّام الفقهاء في الكوفة وفي قم، لكان يخلّف هذا البناء ـ على الأقلّ ـ ذكراً في كتب الاُصول والفقه ولو بعنوان قول من الأقوال، مع أنّه لم يذكر ذلك، ونحن عندنا من كتب الاُصول ما يرجع تأريخه إلى القرن الرابع، أي: ما بعد هذا التأريخ بمئة سنة أو أكثر بقليل، ككتاب السيّد المرتضى والشيخ الطوسيّ في الاُصول.

ومنها: أنّ هناك طريقاً للاستدلال على ثبوت السيرة في زمان الإمام بالسيرة المتأخّرة، وهي: أنّه لو فرض انقلاب السيرة ـ بأن كان عمل الشيعة مثلاً في ظهر الجمعة على الجهر، وفي زماننا قامت السيرة على الإخفات ـ لكان هذا الانقلاب من العجائب، ولكان ينقل ذلك في الكتب. وهذا البيان في مثل قراءة ظهر الجمعة غير صحيح؛ إذ لو فرض الانقلاب فهو ليس انقلاباً بين عشيّة وضحاها، بل حصل هذا الانقلاب بالتدريج في خلال أمد بعيد، فوجد أوّلاً مخالف واحد، وبعد مدّة لاحظ شخص آخر الأخبار فرأى أنّ الصحيح هو ما ذهب إليه هذا المخالف، وهكذا إلى أن حصل الانقلاب بالتدريج، على أنّه ليس من اللازم كون الانقلاب من وجوب الجهر إلى حرمته ابتداءً حتّى يبدو الاختلاف بنحو فاحش، بل المخالف الأوّل لعلّه أظهر الاستحباب إلى أن جاء شخص آخر فناقش في دليل الاستحباب وقرّب التخيير إلى أن جاء مَن قرّب الكراهة، ثُمّ بعد ذلك قيل بالحرمة مثلاً.