المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

582


المرتكز عندهم عدم الفرق بين قلّة الوسائط أو كثرتها مادام الخبر مهما تكثّرت وسائطه ينحلّ إلى عدّة أخبار بلا واسطة، أو يرجع إلى الإخبار عن كلام المعصوم بلا واسطة، فإنّ الفرق بعد هذا الفرض غير عرفيّ، فإذا كان المعصوم(عليه السلام) غير راض بهذا الفهم كان عليه الردع، فإنّ تكثّر الوسائط في مستقبل الزمان كان مترقّباً في ذاك الزمان، وليس ممّا حدث في الأزمنة المتأخّرة من دون ترقّب حدوثه المتأخّر منذ البدء كي يقال: إنّ السكوت عنه ليس دليل الإمضاء.

وكذلك الروايات الدالّة على حجّيّة الخبر حتّى مع الواسطة لو كان بعضها غير مطلق لفرض تكثّر الوسائط أمكن التعدّي بالفهم العرفيّ إلى فرض تكثّرها. فمثلاً قوله في حديث ابن يعفور: «يجيء الرجل من أصحابنا فيسألني، وليس عندي كلّ ما يسألني عنه، فقال: ما يمنعك من محمّد بن مسلم الثقفيّ، فإنّه سمع من أبي، وكان عنده وجيهاً» لو دلّ على حجّيّة خبر ابن يعفور الذي يوجد بينه وبين الإمام وسيط، وهو محمّد بن مسلم قلنا: إنّ العرف بعد أن كان يكيّف بارتكازه حجّيّة الخبر مع الواسطة بإرجاعه إلى الخبر بلا واسطة، أو بتحليله إلى عدّة أخبار بعدد الوسائط ينقل بعضهم موضوع حجّيّة الخبر السابق أقول: إنّ العرف بعد تكييفه لحجّيّة الخبر مع الوسائط بأحد هذين الشكلين يتعدّى إلى فرض تكثّر الوسائط.

وقد اتّضح حتّى الآن بما لا مزيد عليه: أنّ خبر الثقة حجّة ولو كان مع الوسائط إمّا بمعنى أنّ كلّ خبر يثبت موضوع حجّيّة سابقة، وهذا يعني حجّيّة الخبر في الموضوعات بهذا المقدار على الأقلّ، أو بمعنى أنّ كلّ خبر مع الواسطة راجع إلى الخبر بلا واسطة ببيان مضى فيما سبق عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)، وهذا لا يتوقّف على حجّيّة الخبر في الموضوعات حتّى بهذا المقدار.