المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

64

 

مقتضى الأصل عند الشكّ في الحجّيّة

وأمّا الأمر الثالث ـ وهو بيان ما يقتضيه الأصل عند الشكّ في الحجّيّة ـ: فقد جاء في عبائر الأصحاب(قدس سرهم) أنّ الشكّ في الحجّيّة مساوق للقطع بعدم الحجّيّة.

 

تمهيد:

ونحن نقدّم قبل الشروع في البحث عن ذلك مقدّمة مستفادة ممّا مضى منّا في الأمر الثاني، فنقول: قد عرفت أنّ أدلّة الأحكام الظاهريّة إنّما تكون حجّة باعتبار ما تكشف عنه: من اهتمام المولى وعدمه بأغراضه عند الشكّ، لا باعتبار منشآتها ومعتبراتها. ولكن ظاهر المشهور هو الثاني، ولذا وقع منهم في هذا المقامبحث طويل في أنّه ما هو المُنشأ والمعتبر بالدليل الظاهريّ؟ وما هو المناسب لإثبات المنجّزيّة والمعذّريّة به؟ هل هو الطريقيّة، أو الحكم المماثل، أو الحجّيّة، أوغير ذلك؟

ويترتّب على هذا الاختلاف بيننا وبين ما يظهر من المشهور أنّه إذا كان هناك حكمان ظاهريّان أحدهما يقتضي التنجيز والآخر يقتضي التعذير، فهل يتعارضان بقطع النظر عن وصول كليهما، أو لا يتعارضان إلّا عند وصول كليهما؟ فبناءً على المبنى المشهور يتّجه الثاني؛ إذ لا تعارض بين إنشائين واعتبارين بما هما إنشاءان واعتباران، وإنّما يتنافيان من ناحية ما يترتّب عليهما من المنجّزيّة والمعذّريّة، وإنّما يترتّب ذلك بعد الوصول لا قبله، فإذا دلّت البراءة الشرعيّة ـ مثلاً ـ على ترك الدعاء عند رؤية الهلال وقد دلّ خبر الواحد على وجوبه، وشككنا في حجّيّة خبر الواحد فالبراءة لا تدلّ على عدم حجّيّة خبر الواحد؛ إذ لا