المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

642

وأمّا الصورة الثانية ـ وهي فرض كون الخبر ترخيصيّاً والأصل إلزاميّاً ـ: فتحقيق الكلام فيها: أنّ هذا الأصل إمّا هو الاستصحاب، أو أصالة الاشتغال؛ لانحصار الأصل الإلزاميّ فيهما:

أمّا الاستصحاب: فمثاله: ما لو شككنا في جواز دخول الحائض في المسجد بعد النقاء وقبل الغسل، وفرضنا ورود خبر دلّ على الجواز، وقابله استصحاب الحرمة. أو شككنا في طهارة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره، وفرضنا ورود خبر دالّ على الطهارة، وقابله استصحاب النجاسة.

وتحقيق الكلام فيه: أنّه تارةً يفرض دليل الاستصحاب خبراً واحداً كسائر الأخبار الآحاد، واُخرى يفرض دليلاً قطعيّاً:

فإن فرض الأوّل: فهذا الاستصحاب ليس حجّة تعبّديّة؛ لأنّ المفروض عدم دليل على الحجّيّة الشرعيّة لخبر الواحد، لكن هذا الحكم الاستصحابيّ يكون منجّزاً بوقوعه طرفاً للعلم الإجماليّ الأوّل، فيقع الكلام في أنّه هل يوجد لدينا مؤمّن في قباله يصحّح لنا رفع اليد عن مقتضي هذا التنجّز، أو لا؟

فنقول: أمّا الخبر الدالّ على الترخيص فليس مؤمّناً، فإنّه وإن كان طرفاً للعلم الإجماليّ الثاني لكن العلم الإجماليّ ـ كما مضى ـ لا أثر له في المقام.

وأمّا البراءة العقليّة ـ لو كنّا قائلين بها في نفسها ـ فلا تكون مؤمّنة أيضاً هنا؛ لعدم جريانها مع العلم الإجماليّ بالتكليف، فإنّ البيان المأخوذ غاية لقاعدة قبح العقاب بلا بيان يشمل البيان الإجماليّ.

وأمّا البراءة الشرعيّة فتارةً نفرض أنّ دليلها أيضاً خبر الواحد، واُخرى نفرض أنّ دليلها قطعيّ:

فإن فرض أنّ دليل البراءة الشرعيّة خبر الواحد فلا يمكن التمسّك به في قبال منجّزيّة العلم الإجماليّ، فإنّ هذا الخبر الواحد حاله حال نفس الخبر الواحد الدالّ