المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

653

العلم إنّما هو القوى المئة، وإلّا لحصل العلم الإجماليّ في تسعة وتسعين منها، فظهر أنّ العلم بالقضايا الشرطيّة الذي جعله علماء الاُصول حتّى اليوم لازماً ذاتيّاً للعلم الإجماليّ ليس لازماً ذاتيّاً له على الإطلاق، بل يدور العلم بالقضايا الشرطيّة في عرض نفس العلم الإجماليّ مدار منشأ ذلك العلم الإجماليّ، فإن كان المنشأ مختلاًّ على تقدير عدم بعض الأطراف ـ كما في العلم الإجماليّ القائم على أساس حساب الاحتمالات ـ لم يحصل العلم بالقضايا الشرطيّة، وإلّا ـ كما في العلم الإجماليّ القائم على أساس البرهان ـ حصل العلم بالقضايا الشرطيّة.

إذا عرفت ذلك قلنا في المقام: إنّه لا يتولّد لنا علم إجماليّ ثالث، ولأجل التوضيح نفترض الآن: أنّ المعلوم بالإجمال صدقه من الأخبار الإلزاميّة واحد، فنقول: إنّنا وإن كنّا نعلم إجمالاً بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو عند رؤية الشمس، وكذلك نعلم إجمالاً بحرمة الدعاء عند رؤية الهلال، أو حكم إلزاميّ آخر، ولكن العلم الإجماليّ الثاني لا ينحلّ إلى العلم بقضايا شرطيّة بأن نفترض العلم بأنّه لو لم يكن الدعاء عند رؤية الهلال حراماً، إذن فهناك حكم إلزاميّ آخر؛ لأنّ العلم الإجماليّ الثاني إنّما كان وليداً لتجمّع الاحتمالات، وقد عرفت أنّ مثل هذا العلم لا ينحلّ إلى العلم بقضايا شرطيّة كي يكون علمنا بصدق الشرط في بعض القضايا الشرطيّة مساوقاً للعلم الإجماليّ الثالث، وهو العلم بفعليّة بعض الجزاءات.

هذا إذا افترضنا أنّ المعلوم بالإجمال في دائرة الأخبار الإلزاميّة واحد، أمّا إذا افترضناه عشرة ـ مثلاً ـ فيأتي فيه أيضاً عين البيان، إلّا أنّه يجعل مصبّ الكلام هو العاشر.

المقام الثاني: في كفاية العلمين الأوّلين وعدمها في تنجيز مادّتي الافتراق بعد فرض الفراغ عن عدم وجود علم إجماليّ ثالث.