المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

700

العقل إذا رأى عدم تساوي الأطراف، وعدم كون نسبة العلم إلى تمام الأطراف على حدّ سواء، أوجب على الإنسان تطبيق مخالفته المرخّص فيها على أبعد الأفراد وأهون المحاذير، فإذا ثبت الترخيص في طرف معيّن من أطراف العلم الإجماليّ بنفي العسر والحرج سقط العلم الإجماليّ عن التنجيز(1).

أقول: إنّ ما أفاده المحقّق العراقيّ(رحمه الله) في المقام يرد عليه:

أوّلاً: أنّ حكم العقل بتطبيق المخالفة المرخّص فيها على أبعد الأفراد إنّما هو في طول تنجيز التكليف، فبعد أن فرض تنجيز التكليف ولزوم التحفّظ عليه، وصلت النوبة إلى القول بأنّنا وإن كنّا مرخّصين في المخالفة الاحتماليّة لكنّنا نتحفّظ على الجانب المظنون؛ لكون ذلك أقرب إلى التحفّظ على التكليف المعلوم. وبكلمة اُخرى: إنّ الاضطرار هنا بذاته ليس اضطراراً إلى فرد معيّن كي يفترض إسقاطه للعلم الإجماليّ عن التنجيز، بل كان بذاته اضطراراً إلى فرد غير معيّن، وتعيين الترخيص في جانب غير المظنون إنّما هو قائم على أساس حكم العقل الذي هو في طول تنجيز التكليف، فلابدّ من فرض ثبوت التنجيز حتّى يتعيّن الترخيص في


(1) أمّا احتمال أن يكون الترخيص في جانب غير المظنون مشروطاً بعدم مخالفة المظنون (فلا يلزم من ذلك انحلال العلم الإجماليّ)، فهذا ما جاءت الإشارة إليه أيضاً في كلام المحقّق العراقيّ(رحمه الله)، ولكنّه استبعده على مباني الانسداديّ حيث ذكر: إنّ الانسداديّ يرى مرجعيّة الظنّ على الإطلاق والرخصة في مخالفة غيره على الإطلاق. أمّا فرض وجوب اتّباع الظنّ على الإطلاق ووجوب المشكوكات والموهومات مترتّباً على مخالفة المظنونات، فذكر: أنّ هذا لا أظنّ التزامه من قِبَل أرباب الانسداد.

وأمّا تقييم هذا الاحتمال فهو ما سيتّضح في المتن قريباً إن شاء الله، حيث بحث اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) نظيره في فرض تخييريّة الترخيص، حيث أبدى احتمال كون كلّ من الترخيصين مشروطاً بعدم مخالفة الطرف الآخر.