المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

703

أكثر من ارتفاع التكليف الإلزاميّ فيما سيدفع المكلّف به اضطراره من مئتي موردإن كان يصادف في علم الله وجود التكليف الإلزاميّ في ذلك، ويبقى ثمانمئة مورد لا نعلم علماً يقيناً بوجود تكليف إلزاميّ فيها، ولكنّنا نطمئنّ بوجود تكليف مّا إلزاميّ في غير الموارد التي سوف يدفع المكلّف اضطراره بها؛ إذ احتمال عدم وجود التكليف في كلّ ثمانمئة نختارها من الألف بعيد غاية البعد، والاطمئنان حاله حال العلم في جعل التكليف فعليّاً وبالتالي منجّزاً، مع فارق بينهما، وهو: أنّ حجّيّة الاطمئنان(1) لم تكن عقليّة كالعلم، وإنّما هي شرعيّة وليست بنحو العلّيّة التامّة، ومن الممكن أن يجعل الشارع حجّيّته بقدر ما تتنجّز حرمة المخالفة القطعيّة دون حرمة المخالفة الاحتماليّة. وعندئذ نقول: إنّ كلّ ثمانمئة من هذه الألف التي اخترنا تطبيق رفع الاضطرار على غيرها نطمئنّ بوجود تكليف فيها، وهذا الاطمئنان وإن سقط عن المنجّزيّة بالنسبة لحرمة المخالفة الاحتماليّة لغرض جواز تطبيق رفع الاضطرار على بعض هذه الثمانمئة، لكن الحجّيّة الثابتة بالارتكاز العقلائيّ للاطمئنان تساعد على بقاء حجّيّته بالنسبة للمخالفة القطعيّة بعد سقوطه عن الحجّيّة بالنسبة للمخالفة الاحتماليّة، فيصير التكليف منجّزاً بهذا المقدار(2).


(1) أبدى اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) ـ في الجزء الأوّل من الحلقة الثالثة من دروس في علم الاُصول، ص 206 ـ احتمال القول بأنّ السيرة العقلائيّة الدالّة على حجّيّة الاطمئنان لا تشمل الاطمئنان الإجماليّ المتكوّن نتيجة جمع احتمالات أطرافه.

(2) كأنّ المقصود أنّ الترخيص الثابت في تطبيق رفع الاضطرار على بعض هذه الثمانمئة ليس بأكثر من نفي منجّزيّة الاطمئنان لوجوب الموافقة القطعيّة، ولا دليل على انتفاء الفعليّة (بعد أن لم يكن نفي التنجيز مساوقاً لنفي الفعليّة لعدم كون الاطمئنان بالحكم الفعليّ علّة تامّة للتنجيز)، فإذا تمّت الفعليّة وساعد الارتكاز العقلائيّ على حجّيّة الاطمئنان بمعنى حرمة المخالفة القطعيّة بعد فرض جواز المخالفة الاحتماليّة تعيّن التفكيك بين هاتين المرتبتين من التنجيز.