المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

704

وإن لم نقبل مساعدة الارتكاز العقلائيّ على التفكيك قلنا: إنّنا نلاحظ الاطمئنان بوجود التكليف في عنوان غير ما ندفع به الاضطرار لا في ثمانمئة معيّنة بالخصوص، وعندئذ لا دليل على الترخيص في مخالفة هذا الاطمئنان ولو احتمالاً.

وإن لم نكتف بهذا المقدار وقلنا: إنّه لمّـا كان كلّ فرد من أطراف العلم الإجماليّ ثبت الترخيص في مخالفته بجواز تطبيق رفع الاضطرار عليه قطعنا بعدم فعليّة التكليف فيه؛ للتنافي بين الفعليّة والترخيص، قلنا في المقام: إنّ الشبهات المرتكبة تدريجيّة الحصول في حياة الإنسان، فمهما أصبح الاضطرار مرتفعاً عاد التكليف الفعليّ على حاله في عالم الاطمئنان.

هذه هي التي تقتضيها اُصول المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) في المقام، لا ما أفاده: من سقوط تلك الأحكام عن التنجّز رأساً.

هذا كلّه بعد مجاراة المحقّق الخراسانيّ(قدس سره) فيما بنى عليه في باب الاضطرار إلى غير المعيّن: من كونه مسقطاً لمنجّزيّة العلم الإجماليّ رأساً.

والآن نريد أن نناقش هذا المبنى فنقول: إنّ حكومة دليل نفي العسر والحرج (عند ما يوجب الاحتياط بالامتثال القطعيّ في أطراف العلم الإجماليّ العسرَ، فنضطرّ إلى ارتكاب بعض الأطراف لا بعينه) إمّا أن تفترض حكومة على الحكم الواقعيّ المعلوم بالإجمال، فتكون الحكومة حكومة واقعيّة والرفع رفعاً واقعيّاً، أو تفترض حكومة على وجوب الاحتياط، فتكون الحكومة حكومة ظاهريّة والرفع رفعاً ظاهريّاً. ويأتي ـ إن شاء الله ـ بيان ما هو الصحيح من هذين المبنيين:

فإن قلنا بالأوّل: فقد يتوهّم أنّ الحكم الواقعيّ انتفى بالاضطرار، فلم يبق علم بالتكليف، فانتفت منجّزيّة العلم الإجماليّ بانتفاء موضوعها.

لكن الصحيح: أنّه يكتفى في مقام انتفاء الحكم الواقعيّ بحكومة دليل نفي العسر والحرج بانتفاء إطلاق ذلك الحكم. فلو اضطرّ ـ مثلاً ـ إلى شرب أحد