المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

705

الماءين المعلوم إجمالاً نجاسة أحدهما كفى في رفع اضطراره أن يجوز له شرب الماء النجس على تقدير عدم شربه للماء الآخر مع بقاء حرمته على تقدير شربه للماء الآخر، فهو يعلم إجمالاً إمّا بحرمة شرب هذا الماء مشروطة بشرب الآخر، أو بحرمة شرب الماء الآخر مشروطة بشرب هذا الماء، ومع العلم الإجماليّ بحكم مشروط ليس له أن يحقّق شرطه ويخالف هذا الحكم، بل لابدّ إمّا من أن لا يحقّق شرطه أو لا يخالفه، أي: أنّه لابدّ من ترك معصيته إمّا بنحو السالبة بانتفاء الموضوع أو بنحو السالبة بانتفاء المحمول، ولو شرب كلا الماءين فقد حقّق الشرط جزماً وخالف الحكم قطعاً، ولو شرب واحداً منهما فقط لم يخالف الحكم لا قطعاً ولا احتمالاً؛ إذ لو كان ما شربه طاهراً فهو حلال مطلقاً، ولو كان نجساً فهو حلال بشرط عدم شرب الآخر، والمفروض تحقّق الشرط، فهناك حكم معلوم لا يكون مضطرّاً إلى مخالفته ولو احتمالاً حتّى يدّعى أنّ اضطراره إلى مخالفته الاحتماليّة ينجرّ إلى جواز مخالفته القطعيّة.

وما ذكرناه: من أنّه لو شرب كلا الماءين فقد خالف مخالفة قطعيّة لحرمة معلومة متحقّق شرطها جزماً واضح فيما لو شربهما في عرض واحد.

أمّا لو شربهما تدريجاً فقد يقال: إنّه لم تصدر منه مخالفة لتكليف معلوم مع تحقّق شرطه جزماً؛ إذ من المحتمل أنّ النجس كان هو الماء الأوّل وقد شربه حلالاً؛ لأنّه حين الشرب كان واجداً لشرط حلّيّته وهو عدم شرب الآخر، والماء الثاني كان طاهراً، فكان شربه حلالاً أيضاً، فلم يرتكب الحرام.

والجواب: أنّه تارةً يفترض وقوع الاضطرار إلى الشرب في خصوص الزمان الأوّل كما لو كان عطشان عطشاً شديداً، وكان تأخيره للشرب إلى الزمان الثاني موجباً للعسر والحرج، واُخرى يفترض وقوع الاضطرار إلى الجامع بين الشربين، أعني: الشرب في الزمان الأوّل، والشرب في الزمان الثاني كما لو كان اضطراره