المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

706

إلى الشرب بملاك إجبار ظالم هدّده بالقتل، وكان مصبّ إجباره هو الجامع بين الشربين:

فإن فرض الثاني: كان من الواضح أنّ جواز شربه للماء النجس في الزمان الأوّل مشروط بعدم شربه للماء الآخر في الزمان الثاني؛ لأنّ شربه للماء الآخر في الزمان الثاني يكفي لرفع اضطراره، فشربه للماء النجس في الزمان الأوّل حرام بحرمة مشروطة بشربه للماء الآخر ولو في الزمان الثاني؛ إذ هذه الحرمة المقيّدة لا توجب الاضطرار، فالمرفوع ليس هو أصل الحرمة، بل إطلاقها، فلو شربهما معاً ولو تدريجاً فقد ارتكب حراماً قطعيّاً مع حصول شرط الحرمة بالجزم واليقين(1).


(1) قد يقال في فرض ما إذا لم يكن جازماً من أوّل الأمر بشرب كلا الماءين ثُمّ بدا له بعد شرب الماء الأوّل أن يشرب الماء الثاني أيضاً: إنّه لم يرتكب عندئذ حراماً منجّزاً عليه؛ إذ لم يحصل له في آن من الآنات القطع بتكليف فعليّ، فإنّه حينما شرب الماء الأوّل، لم يكن يعلم بأنّه سوف يتحقّق شرط حرمة هذا الشرب لو كان نجساً، فإنّ شرط حرمته هو شرب الماء الآخر وهو غير جازم بتحقّقه، وحين شربه للماء الثاني لا يعلم بأنّ الحرام هو الثاني. وإن شئت فافترض أنّه حين شربه للماء الأوّل كان جازماً بعدم شرب الماء الثاني ثُمّ بدا له أن يشرب الماء الثاني، فحين شربه للماء الأوّل كان قاطعاً بجواز شرب الماء الأوّل، وحين شربه للماء الثاني ليس قاطعاً بحرمة شرب الماء الثاني. نعم، هو يعلم أنّ الحرام إمّا هو الثاني أو هو ما مضى، والعلم الإجماليّ التدريجيّ إذا حصل بعد انعدام بعض أطرافه لم يكن منجّزاً.

و أجاب اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) على ذلك بأنّه حين شربه للماء الثاني يعلم بأنّ شرب الثاني محقّق للحرام إمّا باعتباره حراماً بنفسه أو باعتباره محقّقاً لشرط حرمة ما مضى، فلو لم يشربه لم يتحقّق حرام أصلاً ولو شربه تحقّق الحرام، والإتيان بما يتحقّق به الحرام جزماً ممنوع من قِبَل العقل.