المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

707

وإن فرض الأوّل: فهناك مجال لتوهّم القول بأنّ شربهما تدريجاً لا يوجب مخالفة لحكم معلوم؛ لأنّ الماء الأوّل شربه حلالاً ولو فرض نجساً في الواقع؛ لأنّ شرط الحلّ كان هو عدم شرب الآخر في الزمان الأوّل وهو متحقّق، وأمّا الثاني فمن المحتمل طهارته.

ولكن التحقيق: أنّ التقريب الذي ذكرناه يأتي حتّى في هذا القسم، فإنّ المولى إذا حرّم عليه شرب الماء النجس في الزمان الأوّل حرمة مشروطة بجامع شربه للماء الآخر الشامل لشربه إيّاه في الزمان الثاني أيضاً لم يلزم من ذلك عسر ولا حرج على العبد؛ إذ يتمكّن من أن يشرب في الزمان الأوّل أحد الماءين ويرفع به الاضطرار، ولا يحقّق شرط حرمته على تقدير نجاسته بشرب الآخر ولو في الزمان الثاني.

إن قلت: إنّ هذا الحكم يشبه حكم المولى على العبد بأنّه لو صعد على السطح وجب عليه إلقاء نفسه من فوق السطح في صحن الدار، ولا إشكال في هذا الحكم الحرجيّ غاية الأمر أنّ المكلّف متمكّن من أن لا يوجد شرط هذا الحكم كي لا يبتلى بهذا الحكم الحرجيّ.

قلت: في هذا المثال كان زمان الشرط متقدّماً على زمان امتثال الحكم، فلو حقّق العبد الشرط وجاء دور امتثال الحكم بإلقاء نفسه في صحن الدار كان هذا حكماً حرجيّاً، ويشمله دليل نفي العسر والحرج؛ لأنّ العسر ثابت في زمان امتثال هذا الحكم، وهو يسند عرفاً إلى هذا الحكم وإن كان ذلك بسوء اختيار العبد بإيجاده للشرط(1).

 


(1) ويمكن أن يقال: إنّه إذا كان التكليف فعليّاً قبل إيجاد المكلّف للشرط بأن كان زمان الوجوب قبل زمان الواجب على حدّ الواجب المعلّق، أو كان الواجب هو الجامع بين