المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

708

أمّا حينما لا يكون الشرط مقدّماً على زمان الامتثال ففي كلّ آن يكون المكلّف في سعة من الحرج حتّى في آن الامتثال؛ إذ بإمكانه أن لا يوجد الشرط، وذلك كما فيما نحن فيه. ودليل نفي العسر والحرج لا يشمل هذا القسم؛ لأنّه لا يرى الحرج عرفاً مستنداً إلى التكليف محضاً.

وكان بالإمكان أيضاً في مقام رفع العسر والحرج تقييد حرمة شرب الماء الأوّل بفرض عدم شرب الماء الثاني، أو بشيء آخر خارجيّ، كالذهاب إلى مكان كذا، أو عدم الذهاب إليه.

لكن الواقع: أنّ التقييد الثابت فيما نحن فيه لم يكن لأجل دخل القيد في ملاك الحرمة حتّى يقال: كما يفرض شرب الماء الثاني دخيلاً في ملاك الحرمة، كذلك لعلّ الأمر بالعكس بأن يكون عدم شربه دخيلاً في الحرمة، أو لعلّ شيئاً خارجيّاً آخر دخيل في الحرمة، وإنّما كان التقييد بملاك الجمع بين نفي العسر والحرج والتحفّظ على ملاك الواقع بقدر الإمكان، وهذا إنّما يقتضي التقييد بفرض شرب الماء الثاني لا بشيء آخر، أمّا لو قيّد بعدم شربه فقد يشرب كليهما، ولو قيّد بشيء آخر كالذهاب إلى المكان الفلانيّ فقد يترك ذاك القيد ويشرب كليهما، فلم يحصل التحفّظ على ملاك الواقع.

 


عدم ذاك الشرط ووجود الفعل المشروط، فعندئذ لا يشمل دليل نفي العسر والحرج مثل هذا المورد؛ لأنّه لو فرض شموله له فهذا الشمول سوف لن يكون معذّراً للمكلّف؛ لأنّ الحكم صار فعليّاً على المكلّف ولو آناً مّا، وإنّما العبد أجبر المولى على رفع يده عن الحكم اضطراراً، فسيبقى هو مستحقّاً للعقاب على ترك امتثال حكم كان آناً مّا فعليّاً وغير حرجيّ عليه، وعليه فيصبح شمول دليل نفي العسر والحرج لمثل هذا المورد فضولاً من الأمر وفارغاً عن المحتوى.