المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

710

وإن قلنا بالثاني ـ أعني: حكومة دليل نفي العسر والحرج على الاحتياط ـ: فإن قلنا بأنّ العلم الإجماليّ ليس علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة وإنّما هو مقتض لذلك، فلا مجال لتوهّم استلزام سقوط العلم الإجماليّ عن المنجّزيّة بالنسبة لحرمة المخالفة القطعيّة لأجل سقوطه عن تنجيز وجوب الموافقة القطعيّة في المقام، فترك الاحتياط وإن جاز بلحاظ بعض الأطراف لكن يبقى تنجيز العلم بلحاظ المخالفة القطعيّة ثابتاً على حاله، فلا يجوز ارتكاب تمام الأطراف.

وإن قلنا بأنّ العلم الإجماليّ علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة تأتي هنا شبهة المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله): من أنّ الترخيص في المخالفة الاحتماليّة يستلزم انتفاء التكليف؛ إذ لولاه لم يكن مجال للترخيص ولو بمستوى المخالفة الاحتماليّة، وإذا انتفى التكليف جاز ارتكاب تمام الأطراف.

 


الزمان الثاني موجباً لحرمة شربه للماء النجس في الزمان الأوّل ليس بأولى من فرض كون عدم شربه للماء الطاهر في الزمان الثاني موجباً لحرمة شربه للماء النجس في الزمان الأوّل، وحرمته في كلا الفرضين غير محتمل، فيتعارض الإطلاقان في دليل الحرمة ويتساقطان.

قلت: إن فرض كون شربه للماء الطاهر في الزمان الثاني عند ما لم يشربه في الزمان الأوّل موجباً لحرمة شربه للماء النجس في الزمان الأوّل أحفظ للملاكات الواقعيّة من العكس، وذلك إمّا ببيان أن هذا يؤدّي إلى أن لا يجمع بين شرب الإناءين فيحتمل عدم وقوع شرب النجس، وإمّا ببيان أنّه لو كان له داع آخر إلى شرب الماء الطاهر غير داعي رفع الحرج في الزمان الأوّل، من قبيل ما لو فرض أنّ الماء الطاهر كان عذباً، اشتهى شربه بخلاف الماء النجس، ففرض حرمة شرب النجس عليه على تقدير شربه للطاهر ولو في الآن الثاني يدفعه نحو أن يشرب الماء العذب في الزمان الأوّل ويستغني عن الماء الآخر، بينما لو فرض العكس فقد يشرب الماء النجس أوّلاً ثُمّ يشرب الماء الطاهر العذب.