المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

752

المنفصلة، ويتعيّن الرجوع إلى الظنّ. وتفصيل الكلام في ذلك: إنّك قد عرفت أنّ في فرض الانسداد مباني ثلاثة:

المبنى الأوّل: التبعيض في الاحتياط. وأساسه أنّه بقطع النظر عن لزوم العسر والحرج كان مقتضى القاعدة والعلم الإجماليّ الاحتياط التامّ، وبمقتضى العسر والحرج ترفع اليد عن الاحتياط بمقدار رفع العسر والحرج، ويبقى الاحتياط في أزيد من ذلك ثابتاً على حاله، فيدور الأمر بين الأخذ بالظنّ والأخذ بالوهم، لكن لا بمعنى الوهم المقابل لذلك الظنّ، بل بمعنى أنّ الأمر دائر بين الاحتياط فيما هو مظنون الوجوب أو في الشيء الآخر الذي هو موهوم الوجوب، وقد عرفت فيما مضى أنّ للقول بوجوب الاحتياط التامّ في نفسه في أطراف العلم الإجماليّ مسلكين:

المسلك الأوّل: أنّ العلم الإجماليّ بنفسه ينجّز مباشرة الموافقة القطعيّة، وعلى هذا لا إشكال في أنّه بعد تعذّر ذلك يتنزّل العقل إلى أقرب المراتب إلى ذلك، فأوّلاً لا يرفع العقل اليد إلّا عن الموهومات الضعيفة، فإن لم تكف لرفع العسر والحرج رفع اليد عمّا هو أقوى منها وهكذا.

المسلك الثاني: أنّ العلم الإجماليّ إنّما ينجّز بنفسه حرمة المخالفة القطعيّة دون وجوب الموافقة القطعيّة، ولكن البراءة العقليّة تتساقط في المقام ـ كالبراءة الشرعيّة ـ بالتعارض في الأطراف، فعندئذ تصبح الموافقة القطعيّة واجبة بقطع النظر عن العسر والحرج، وبالنظر إلى ذلك يرتفع عنه وجوب الموافقة القطعيّة، وعليه مضى فيما سبق تصوير وجه فنّيّ للزوم الاحتياط في المظنونات، وتطبيق الترخيص المستفاد من قاعدة نفي الحرج على الموهومات على كلا المبنيين في حكومة القاعدة، أعني: على مبنى حكومتها على الحكم الواقعيّ، وعلى مبنى حكومتها على وجوب الاحتياط.