المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

754

كما في فرض الحكومة، فإنّ الكلام في جعل المولى للحجّيّة.

فنقول: بعد أن كان المفروض أنّ جعل الحجّيّة للظنّ أو الوهم ليس بملاك نفسيّ، وإنّما هو بملاك التحفّظ على أغراضه الواقعيّة، ليس من المعقول جعل المولى لرجحان الاحتمال الموصل إلى أغراضه وقوّته مانعاً عن الحجّيّة، فإنّه نقض للغرض، وهو محال أو قبيح مثلاً، وإذا بطلت بهذه المقدّمة الحجّيّة التعينيّة للوهم ودار الأمر بين الحجّيّة التخييريّة والحجّيّة التعيينيّة للظنّ أخذنا بالقدر المتيقّن، وهو حجّيّة الظنّ، فإنّه إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير في مثل المقام، أعني: باب جعل الحجّيّة بعد فرض تماميّة منجّز للتكاليف في المرتبة السابقة، وجب الأخذ بجانب التعيين، وبكلمة اُخرى: إنّ فرض التخيير بين الظنّ والوهم معناه تحكيم الوهم على ذلك المنجّز وتقديمه عليه من دون علم بحجّيّته، وهو غير جائز كما مضى في بحث أصالة عدم الحجّيّة عند الشكّ في الحجّيّة.

المقام الثاني: في أنّ الطريق المجعول هل هو الظنّ الشخصيّ أو الظنّ النوعيّ كخبر الثقة مثلاً، وبينه وبين الظنّ الشخصيّ عموم من وجه، فقد يوجد الخبر ولا يوجد ظنّ بالفعل، وقد يوجد ظنّ بالفعل صدفة من دون ما يفيد الظنّ النوعيّ كخبر الثقة، وقد يوجد خبر الثقة المورث للظنّ بالفعل مثلاً.

وقد ظهر بالعرض الذي عرضناه: أنّ ما في كلمات الأصحاب(قدس سرهم) من استنتاج انحصار الحجّيّة في الظنّ، أي: الظنّ الشخصيّ بإبطال حجّيّة الوهم، خلط بين المقامين، وكان المفروض الفصل بينهما، فإنّ إبطال حجّيّة الوهم وحده غير كاف لإثبات انحصار الحجّيّة في الظنّ الشخصيّ؛ إذ يبقى احتمال حجّيّة الظنّ النوعيّ. والمحقّق النائينيّ(رحمه الله) أفاد: أنّ الوهم لا يكون مرجعاً لعدم معقوليّة حجّيّته؛ إذ ليست فيه جهة كشف أصلاً حتّى يجعل حجّة. وهذا الكلام ـ بقطع النظر عن صحّته وبطلانه في نفسه ـ إمّا ناظر إلى خصوص إبطال مرجعيّة الوهم، أو مبنيّ على