المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

755

الخلط بين المقامين(1). وعلى أيّ حال، فالمقصود أنّ هذا الوجه لو تمّ لا يثبت به تعيّن الظنّ الشخصيّ في قبال الظنّ النوعيّ، فلو لم نقبل باشتمال الوهم على الكشف وإمكان جعل الحجّيّة له فلا ينبغي الإشكال في أنّ الظنّ النوعيّ له جهة كشف ويعقل جعله حجّة.

وما يمكن أن يقال في تعيين الظنّ الشخصيّ في قبال الظنّ النوعيّ وجهان:

الوجه الأوّل: أن يقال: إنّ البناء العقلائيّ أو السيرة العقلائيّة في الأغراض المباشريّة عند فرض عدم الاهتمام بها إلى درجة لزوم إحرازها القطعيّ بالاحتياط ونحوه قائم على العمل بالظنّ الشخصيّ، أمّا العمل بما يفيد الظنّ النوعيّ إذا وجد في مورد ولم يفد ظنّاً شخصيّاً فلم نحرز بناءهم فيه على العمل به. وعندئذ فحجّيّة الظنّ الشخصيّ نثبتها بالإمضاء الثابت بعدم وصول الردع؛ لأنّ عملهم بالظنّ الفعليّ في تلك الأغراض المباشريّة لا يبقى وقفاً على خصوص تلك الأغراض، بل تشكّل سيرتهم خطراً على أغراض المولى ببعض التقريبات الماضية في بحث السيرة، فلو لم يكن الشارع راضياً بذلك لردع عن إعمال ذلك في الشريعة، ولم يصلنا ردع عن ذلك من قِبَل الشارع. نعم، لولا الانسداد لكنّا نقول بوجود الرادع، وهي العمومات الرادعة عن العمل بالظنّ أو أدلّة حجّيّة الأمارات والاُصول، لكن مع فرض الانسداد لم يصلنا مثل هذا الردع، وهذا


(1) نصّ العبارة الواردة في فوائد الاُصول ـ الجزء 3، ص 100 ـ ما يلي: «لابدّ في الطريق من أن يكون له جهة كشف وإراءة عن الواقع؛ ليمكن تتميم كشفه بجعله ونصبه طريقاً، وبحسب الدوران العقليّ ينحصر ذلك بالعلم والظنّ، والمفروض انسداد باب الأوّل، فلم يبق إلّا الثاني، فلا مجال لاحتمال نصب غير الظنّ طريقاً». والظاهر أنّ مقصوده بالظنّ هو الظنّ الشخصيّ، وهو مشتمل على نفس الخلط الواقع فيه الأصحاب في المقام.