المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

756

يكشف عن الإمضاء، وأمّا حجّيّة الظنّ النوعيّ فلا دليل عليها، ويكفينا في ذلك عدم إحراز السيرة والبناء العقلائيّ على حجّيّته، فإنّ هذا كاف في الشكّ في حجّيّته، فنرجع في مورده الخالي عن الظنّ الشخصيّ إلى البراءة العقليّة. نعم، لو فرضنا عدم إحراز البناء على حجّيّة الظنّ النوعيّ لا إحراز عدمه أشكل الأمر عند تعارض الظنّين، أي: الظنّ الشخصيّ والظنّ النوعيّ.

وعلى أيّ حال، فهذا الوجه إضافة إلى ابتنائه على دعوى عدم إحراز بناء العقلاء في الأغراض الشخصيّة، أو فيما بين الموالي والعبيد على العمل بالظنّ النوعيّ أيضاً، وإلّا لم يصحّ الاقتصار على الظنّ الشخصيّ، يكون مبتنياً على القول بأنّه في مثل المقام لابدّ للشارع مع عدم الرضا من ردع واصل إلينا بالقطع أو الحجّة رغم الانسداد. أمّا لو قلنا بأنّ من المحتمل اقتصاره على الردوع الصادرة عنه ولو لم تصلنا في هذا الزمان بالقطع أو الحجّة لأجل الانسداد، فلا يثبت الإمضاء، ولا يتمّ هذا الوجه.

الوجه الثاني: أن يقال: إنّ مصبّ الإجماع الذي مضى دعواه على عدم ابتناء الشريعة على الاحتياط واشتمالها على جعل طريق ليس هو مجرّد جعل طريق ولو لم يصل؛ إذ لا فائدة فيه، وإنّما مصبّه هو جعل الطريق الواصل، وعلى هذا نقول: إذا دار الأمر بين جعل الحجّيّة للظنّ الفعليّ وجعلها للظنّ النوعيّ ولم يصلنا من الشارع بيان لتعيين أحدهما تعيّن الأوّل؛ لأولويّته في نظر العقل، أي: أنّه لو اُعطيت الحجّيّة بيد العقل لحكم بحجّيّة الظنّ الفعليّ، فإنّ الذي كان حجّة على الحكومة إنّما هو الظنّ الفعليّ لا النوعيّ، وهذا نظير ما يقال في باب الإطلاق المقاميّ: من أنّ المولى إذا قال مثلاً: (أحلّ الله البيع) وقلنا بكون البيع اسماً للصحيح فلم يتمّ الإطلاق اللفظيّ فيه، نثبت كون المقصود من البيع ما هو بيع عند العقلاء ما لم يرد الخلاف بالإطلاق المقاميّ؛ لأنّ المولى في مقام بيان غرضه