المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

757

وطريقة البيع الذي أحلّه، فلو كان نظره إلى طريقة اُخرى غير ما بيد العقلاء لبيّنها، وكذلك نقول فيما نحن فيه: إنّ المولى في مقام إيصال ما جعله حجّة، فلو كان نظره إلى غير ما ينظر إليه العقلاء وهو الظنّ الفعليّ؛ لأنّه المعيّن عند الحكومة، لأوصله.

ويرد عليه:

أوّلاً: منع كون مصبّ الإجماع ذلك، وإنّما مصبّ الإجماع هو اشتمال الشريعة في نفسها على طريق آخر غير الاحتياط، وفائدة ذلك كون الشريعة بنفسها كاملة ومؤثّرة بالنسبة لمن يصله ذلك، وإن فرض عدم وصوله صدفة إلى هذا الانسداديّ.

وثانياً: أنّ المولى لو كان في مقام إيصال ما جعله حجّة لم يصحّ له أن يعتمد على حكم العقل بحجّيّة الظنّ الفعليّ على الحكومة، فإنّ الحجّيّة الثابتة لدى العقل على الحكومة مباينة للحجّيّة المقصود إثباتها على الكشف جوهراً وملاكاً، فإنّ الاُولى حجّيّة بمعنى تحديد الحقّ المولويّ على أساس التحسين والتقبيح المدركين بالعقل العمليّ، والثانية حجّيّة بمعنى جعل الشارع طريقاً ظاهريّاً على أساس درجة الاهتمام بالأغراض الواقعيّة عند التزاحم، فكيف يعقل جعل كون مصبّ الاُولى الظنّ الفعليّ دليلاً على كون مصبّ الثانية أيضاً ذلك ؟! وبكلمة شاملة: إنّ الاستفادة من طريق عقليّ أو عقلائيّ إنّما تمّ في إحدى حالات ثلاث:

الاُولى: أن يوجب ذلك ظهوراً لكلام الشارع، كما في مثال ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْع﴾.

والثانية: أن ينطبق عليه قوانين السيرة.

والثالثة: أن يكون حكم العقل في نفس دائرة الشيء الذي يراد إثباته في المقام.

والاُولى في المقام مفقودة؛ لعدم وجود كلام للشارع في المقام حتّى يتمسّك بظهوره، كما كنّا نتمسّك بظهور ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْع﴾ في انصرافه إلى البيع العقلائيّ. والثالث أيضاً مفقود؛ لما عرفت: من أنّ حكم العقل إنّما هو في دائرة غير مربوطة بما يكون المقصود إثباته، ولا ملازمة بينهما. والثاني رجوع إلى الوجه الأوّل الذي مضى.