المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

103

الورود في الصدور محضاً من دون ملاحظة جهة ينتهي إليها الورود لعلّه غير صحيح بحسب الاستعمالات العرفيّة، وإنّما الإشكال يكون من ناحية تحقيق الجهة التي يُنتهى إليها.

وأمّا الأمر الثاني: فالتحقيق أنّه لو سلّمنا أنّ الورود في الحديث بمعنى الوصول، قلنا: إنّ الحديث دالّ على البراءة بالدرجة الثانية، لتماميّة الأمر الثاني، وهو كون النهي هنا بمعنى النهي الواقعيّ.

وتوضيح ذلك: أنّ ظاهر الحديث هو كون مصبّ النهي الذي جعل غاية، ومصبّ الإطلاق الذي جعل مغيّىً واحد. ومصبّ الإطلاق في هذا الحديث وإن كان مركّباً من جزءين: ذات الشيء، وعدم وصول النهي، لكنّ الجزء الثاني ليس مستفاداً من نصّ المغيّى، أعني: قوله: «كلّ شيء مطلق»، وإنّما استفيد ذلك في طول فرض الغاية، أعني: قوله: «حتّى يرد فيه نهي»، فظاهر ذلك تعليق الغاية، وهي النهي بالجزء المستفاد من الصدر الذي جعل مغيّىً من دون دخل الجزء الآخر؛ لأنّه مستفاد في طول فرض هذه الغاية، فلا تكون الغاية ناظرة إليه، وهو موضوع الإطلاق والإباحة بقطع النظر عن ربط الغاية وهو ذات الشيء، كشرب الدخان مثلاً، لا عنوان الشيء الذي لم يرد فيه النهي وشكّ في النهي عنه. ويتحصّل من ذلك: أنّ الغاية هي النهي الواقعيّ، لا ما يشمل النهي الظاهريّ؛ لأنّ النهي الظاهريّ موضوعه هو عنوان الشيء الذي لا يعلم النهي عنه، لا ذات الشيء، أي: ذات شرب الدخان مثلاً.

إلاّ أنّ تماميّة الأمر الثاني لا تنفع في المقام بعد أن لم يتمّ الأمر الأوّل. فلم تتمّ دلالة الحديث على البراءة.

ثمّ إنّ المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) بعد أن ذكر عدم تماميّة دلالة الحديث على البراءة لاحتمال كون المراد من الورود الصدور، ذكر: أنّه مع الشكّ في الصدور يمكن