المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

105

ثابت على الشيء بعنوان أنّه لم يرد النهي عنه، فهنا يكون الشكّ في تقدّم النهي على الإباحة الخاصّة وبالعكس معقولاً؛ لعدم ورود إشكال اجتماع إباحتين على عنوان واحد؛ لأنّ الإباحة العامّة ثابتة على الشيء بعنوان أنّه لم يرد النهي عنه، والإباحة الخاصّة ثابتة على نفس الشيء بعنوانه(1)، لكنّنا نقول: إنّه أساساً لا مجال فيما نحن فيه لاستصحاب عدم ورود النهي حتّى يستشكل فيه بإشكال الاستصحاب في باب توارد الحالتين؛ لأنّ النهي وارد حتماً بحسب الفرض، والموضوع في الحديث هو عدم ورود النهي، فنحن نقطع بانتفاء الموضوع.



(1) لا يخفى أنّ تعدّد العنوان لا يحلّ الإشكال في المقام، فإذا استحال اجتماع إباحتين على شيء واحد بعنوان واحد، كذلك يستحيل اجتماعهما على شيء واحد بعنوانين، إلاّ إذا كان بين الإباحتين عموم من وجه، كي يظهر أثر التعدّد في موردي الافتراق. و فيما نحن فيه تكون النسبة بين إباحة ما لم يرد فيه النهي، والإباحة الخاصّة لهذا الشيء قبل النهي عموماً مطلقاً، فتلغو الإباحة الخاصّة. هذا إذا كانت الإباحة العامّة إباحة واحدة لجميع الأشياء. وأمّا إذا كانت تجميعاً لإباحات خاصّة لزم اجتماع إباحتين متساويتين على شيء واحد، ولكنّي أظنّ أنّ مقصود المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) ليس هو حلّ الإشكال بمجرّد تعدّد العنوان، بل حلّه بتعدّد نفس الشيء المنهي عنه، أي: أنّه يفترض تارةً: أنّ الإطلاق ثابت ومجعول ابتداءً على جميع الأشياء، ثمّ يرتفع عمّا يرد فيه النهي. وهذا معنى فرض ورود النهي غاية للإطلاق، واُخرى: أنّ الإطلاق العامّ ليس مجعولاً من أوّل الأمر على جميع الأشياء، بل مجعول على خصوص ما سوف لن يرد فيه النهي. وهذا معنى فرض ورود النهي قيداً في موضوع الإطلاق العامّ من أوّل الأمر. فعلى الفرض الأوّل يلزم من تقدّم الإباحة الخاصّة على النهي اجتماع إباحتين على مورد واحد العامّة والخاصّة. وعلى الفرض الثاني لا يلزم ذلك؛ لأنّ ما ورد أخيراً فيه النهي كان سابقاً مباحاً بالإباحة الخاصّة دون العامّة. راجع عبارة المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) في نهاية الدراية، ج 2، ص 190.