المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

106

ثمّ ذكر: أنّه من الممكن حمل عبارة الكفاية على إرادة عدم شمول الحديث في نفسه لهذا الفرض.

أقول: يرد عليه:

أوّلاً: أنّ العلم بالإباحة التي هي إحدى الحالتين المتواردتين يمكن تصويرها بنحوين:

الأوّل: العلم بإباحة خاصّة غير الإباحة العامّة الموضوعة على كلّ شيء مالم يرد فيه نهي.

والثاني: العلم بالجامع بين إباحة خاصّة وتلك الإباحة العامّة. فإن فرض الأوّل لزم من فرض تقدّم الإباحة المعلومة إجمالاً على النهي المعلوم إجمالاً اجتماع إباحتين على موضوع واحد. أمّا إذا فرض الثاني لم يلزم من تقدّم الإباحة المعلومة على النهي اجتماع إباحتين، لإمكان أن تكون تلك الإباحة نفس الإباحة العامّة. وهذا الفرض كاف للنقض على إطلاق دعوى استفادة معنىً مساو في النتيجة للبراءة من هذا الحديث ببركة الاستصحاب.

وثانياً: أنّنا نمنع عدم إمكان اجتماع الإباحة الخاصّة مع تلك الإباحة العامّة المستفادة من هذا الحديث، بناءً على ما مضى من تصويرنا إباحة متوسطة بين الإباحة الواقعيّة والإباحة الظاهريّة، بأن لا يكون قوله: «كلّ شيء مطلق» تجميعاً في العبارة بين إباحات واقعيّة وضعت كلّ واحدة منها على فرد من أفراد الشيء بالخصوص بلحاظ ما فيه من المصالح والمفاسد، بل يكون إباحة مجعولة على عنوان «كلّ شيء» باعتبار أنّ الأشياء قد يوجد فيها ما يكون ذا مفسدة، وقد يوجد فيها ما يكون غير ذي مفسدة، فكان من الممكن أن يحتاط المولى بجعل الحرمة عليها، لكنّه لم يفعل ذلك، وفرضها غير محرّمة، وجعل غاية هذه الإباحة صدور النهي، وأنت ترى أنّ هذه الإباحة تجتمع مع الإباحة الواقعيّة كما تجتمع الإباحة