المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

107

الظاهريّة مع الإباحة الواقعيّة، فإنّ الشيء يمكن تحريمه بإحدى جهتين: بجهة المفسدة الواقعيّة، وبجهة التحفّظ على الملاك الثابت بالنسبة لبعض الأشياء والاحتياط من ناحيته. فإذا فرض المولى عدم الحرمة من كلتا الناحيتين، فقد اجتمعت الإباحتان سواء فرض مورد هذا التحفّظ مورد التحريم البرزخ بين التحريم الواقعيّ والظاهريّ، أو فرض مورد التحريم بمعنى جعل الاحتياط الذي هو حكم ظاهريّ، ففي الأوّل اجتمعت الإباحة الواقعيّة مع الإباحة البرزخيّة،وفي الثاني اجتمعت مع الإباحة الظاهريّة.

ثمّ إنّ المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) ذكر في المقام بعد ما مضى من النقض بمورد توارد الحالتين: أنّه لا يمكن دفع هذا النقض بالإجماع على عدم الفرق بين هذا المورد وغيره؛ لأنّ الإجماع وإن كان يوجب الملازمة بين هذا المورد وغيره في ثبوت البراءة والإطلاق وعدمه، لكنّ موضوع هذا الإطلاق إنّما ثبت في غير مورد توارد الحالتين بالاستصحاب فثبت الإطلاق بمعونة الاستصحاب، ومثبتات الاستصحاب ليست حجّة، إذن لا يثبت في المقام الإطلاق في مورد توارد الحالتين رغم الملازمة بين الإطلاقين؛ لأنّ أحد المتلازمين لم يكن ثابتاً بمحض الدليل اللفظيّ كي نتعدّى إلى لازمه، بل ثبت بمعونة الأصل. هذا ما يستفاد من ظاهر عبارة المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)في المقام.

إلاّ أنّ المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) أفاد: أنّ هذا غير صحيح، وأنّ مقصود الخراسانيّ شيء آخر، وهو أنّ الإجماع إنّما قام على الملازمة بين براءة وبراءة، لا بين استصحاب وبراءة، وأمّا مجرّد أنّ البراءة فيما نحن فيه ثبتت بالأصل لا بالدليل اللفظيّ، فهذا لا يوجب عدم التعدّي إلى مورد توارد الحالتين كما ذكر المحقّق الخراسانيّ بنفسه في أصالة البراءة المستفادة من أصالة الإباحة في قوله: «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام» أنّنا نتعدّى من البراءة في الشبهة التحريميّة