المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

109

بالاستصحاب، لعدم حجّيّة مثبتات الاستصحاب.

وثانياً: أنّ الإجماع إنّما قام على الملازمة بين البراءتين، والاستصحاب هنا إنّما ترتّبت عليه الإباحة الواقعيّة لا البراءة حتّى يتعدّى إلى لازمها من البراءة في مورد توارد الحالتين.

نعم، يمكن دعوى الإجماع بوجهين آخرين، بناءً على أحدهما يرتفع كلا الإشكالين، وبناءً على الآخر يرتفع الإشكال الثاني فقط، إلاّ أنّ الصحيح أنّه إن كان هنا إجماع فإنّما هو بالنحو الأوّل لا بهذين الوجهين الآخرين، وهذان الوجهان ما يلي:

الأوّل: أن يدّعى الإجماع على الملازمة بين الموردين في جامع المؤمّن، فيرتفع الإشكال الأوّل؛ لأنّه عندئذ نتمسّك بالدلالة الالتزاميّة لنفس دليل الاستصحاب الذي هو دليل لفظيّ، كما يرتفع الإشكال الثاني؛ لأنّ المفروض ثبوت التأمين في غير مورد توارد الحالتين واستلزامه للتأمين في ذلك المورد.

والثاني: أن يدّعى الإجماع على الملازمة بين الإباحة الواقعيّة في غير مورد توارد الحالتين والإباحة الظاهريّة في مورد تواردهما، أو بين الإباحة الواقعيّة في غير ذلك المورد مع ثبوتها فيه تعبّداً، والإباحة الظاهريّة في ذلك المورد، وعندئذ يرتفع الإشكال الثاني؛ لأنّ ما اُثبتت في غير مورد توارد الحالتين من الإباحة الواقعيّة تكون بنفسها، أو مع ما تحقّق من ثبوتها التعبّديّ مستلزم للبراءة في مورد توارد الحالتين، ولا يرتفع الإشكال الأوّل؛ لأنّ الإباحة الواقعيّة في غير مورد توارد الحالتين ثبتت بالأصل العمليّ، وهو الاستصحاب، لا الأصل اللفظيّ.

وأمّا الإجماع على الملازمة بين الإباحتين الواقعيّتين فلا يتعقّل دعواه.

وعلى أيّة حال، فهذه المباحث لا أثر لها، فإنّه إن صار البناء على تتميم الاستدلال بهذا الحديث بالاستصحاب، قلنا: إنّ الاستصحاب بنفسه مؤمّن مستقلّ عن التكليف المشكوك ـ كما يأتي بيانه إن شاء الله ـ بلا حاجة إلى ضمّه إلى هذا الحديث.