المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

112

 

موقف المحقّق العراقيّ:

وقد أجاب المحقّق العراقيّ(رحمه الله) عن شبهة حمل الحديث على الرفع الواقعيّ بوجهين، أحدهما عرفيّ، والثاني فنّيّ:

أمّا الوجه الأوّل: فهو أنّ قوله: «رفع عن اُمّتي» ظاهر في سوق الحديث مساق الامتنان، وبهذه القرينة يجب أن نلتزم بأنّ المقدار المرفوع هو المقدار الذي يكون ثبوته خلاف الامتنان، ويكون رفعه امتناناً، وهذا المقدار عبارة عن وجوب الاحتياط، فإنّه يوجب الكلفة على العبد، ويكون رفعه امتناناً. وأمّا رفعه برفع منشأه، أي: رفع كلّ من وجوب الاحتياط والواقع معاً، فالزائد فيه ليس توسعة على العباد، وليس فيه امتناناً عليهم، فإنّ مجرّد ثبوت الواقع لا يوجب كلفة على العباد(1).

ويرد عليه:

أوّلاً: أنّ هذه القرينة مبنيّة على المبنى المشهور من جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان؛ إذ على ذلك لا تكون مشقّة في التكليف الواقعيّ في نفسه بقطع النظر عن إيجاب الاحتياط، وإنّما يوجب التكليف المشقّة عند عدم العلم بتوسيط إيجاب الاحتياط، فليرفع الوسط في مقام الامتنان لا أصل التكليف. وأمّا بناءً على ما حقّقناه من إنكار قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فالتكليف الواقعيّ بوجوده الاحتماليّ موضوع لحكم العقل بلزوم الامتثال بلا حاجة إلى توسيط إيجاب الاحتياط.

ولا نقول: إنّ الموضوع لحكم العقل بالامتثال هو التكليف الواقعيّ بوجوده الاحتماليّ زائداً اهتمام المولى به في ظرف الشكّ، حتّى يقال: إنّ نفي الاهتمام هو الذي يتجسّد فيه الامتنان، وليس في نفي الواقع زائداً على نفي الاهتمام امتنان،



(1) راجع نهاية الأفكار، القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 212.