المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

114

وأمّا الوجه الثاني ـ وهو بيان قرينة صناعيّة(1) في المقام ـ: فبيانها يتوقّف على مقدّمتين:

الاُولى: أنّ رفع كلّ شيء نقيض وجوده، والنقيضان في مرتبة واحدة، فالرفع والمرفوع دائماً في مرتبة واحدة.

 


الامتنان إنّما يكون بنفي إيجاب الاحتياط لا بنفي الحكم الواقعيّ، لا للتقريب الماضي عن المحقّق العراقيّ(رحمه الله)، بل لأنّ معنى نفي الحكم عدم الحبّ أو البغض، ومع عدمه لا مقتضي لثبوت الكلفة على العباد كي يمتنّ عليهم بالرفع. وأمّا لو قلنا: بأنّ الحكم عبارة عن الجعل والاعتبار، وهو أمر وسط بين الحبّ والبغض من ناحية، والإبراز من ناحية اُخرى، فمن الصحيح أن يقال: إنّ نفي هذا الجعل يكون امتنانيّاً عندما تكون المبادئ من المصالح والمفاسد والحبّ والبغض ثابتة، ولكنّ المولى نفى الجعل والاعتبار بغرض إفهام عدم اهتمامه بتلك المبادئ توسيعاً على العباد، وهذا امتنان، إلاّ أنّه يتمّ على هذا الفرض من الناحية الواقعيّة ما مضى من أنّه لا أثر عمليّ لمعرفة أنّ مفاد الحديث هل هو البراءة، أو نفي الحكم الواقعيّ؟ فعلى أيّ حال يتمّ التأمين، وهو المقصود. وما مضى من أنّ الأثر يظهر لدى علمنا صدفة بدليل خاصّ بشمول الحكم الواقعيّ ـ على تقدير ثبوته ـ لظرف الشكّ وإن كان صحيحاً عقلاً وفلسفيّاً، ولكن لا مورد له خارجاً، فلئن كان من حقّنا أن ندّعي القطع بثبوت الحكم بمعنى الحبّ والبغض في مورد الشكّ في كثير من الموارد، كالخمر مثلاً بمثل الضرورة الفقهيّة فليس من حقّنا عند دوران الأمر بين الترخيص الظاهريّ ورفع مجرّد الجعل والاعتبار واقعاً مع ثبوت المبادئ دعوى القطع بشمول الجعل والاعتبار ـ لو كان ـ بضرورة من هذا القبيل، ومن البعيد افتراض ورود نصّ يدلّ على ذلك.

(1) راجع المقالات، ج 2، ص 55 ـ 56. والعبارة لا تخلو من غموض يحتمل أن يكون نظره فيها إلى ما شرحه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) هنا.