المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

115

والثانية: أنّ الرفع المذكور في حديث الرفع متأخّر رتبة عن الشكّ وعدم العلم بالحكم الواقعيّ لأخذ ذلك في موضوعه، والشكّ في الحكم الواقعيّ متأخّر عن نفس الحكم الواقعيّ، فالرفع المذكور في حديث الرفع أصبح متأخّراً عن الحكم الواقعيّ، فلا يمكن أن يكون رفعاً لنفس الحكم الواقعيّ، وإلاّ لزم ـ بحكم المقدّمة الاُولى ـ أن يكون الحكم الواقعيّ في هذه المرتبة المتأخّرة، وهي مرتبة الرفع؛ لما مضى من اتّحاد مرتبة الرفع والمرفوع، ويكون بحكم هذه المقدّمة الثانية في مرتبة سابقة على الرفع، فلزم تقدّم الشيء على نفسه ووجوده في مرتبتين.

وهذا المحذور بنفسه هو المحذور الذي ذكره المحقّق العراقيّ(رحمه الله)في بحث أخذ العلم بالحكم موضوعاً لشخص ذلك الحكم: من أنّ العلم بالحكم مؤخّر رتبةً عن نفس الحكم، فلو فرض أخذه موضوعاً له صار الحكم المتقدّم عنه رتبة مؤخّراً عنه تأخّر الحكم عن الموضوع، ولزم محذور الدور وتقدّم الشيء على نفسه(1).

و في الحقيقة يكون هذان العنوانان ـ أعني: عنوان أخذ القطع بالحكم في موضوع شخص ذلك الحكم، وعنوان رفع التكليف غير المعلوم ـ وجهين لمطلب واحد، فإنّ رفع التكليف عن الشاكّ مساوق لاختصاص التكليف بالقاطع، ولهذا يأتي الإشكال الواحد في كلا الموردين ـ أعني: جانب الوضع، وجانب الرفع ـمع اختلاف العبارة بحسب اختلاف الوجهين. وجوهر الإشكال في كلا الموردين واحد.



(1) ومن هنا يظهر أنّ التقريب ليس بحاجة إلى نكتة كون النقيضين في رتبة واحدة حتّى يبطل عند من ينكر هذه القاعدة، بل يكفي في المقام أن يقال: إنّ رفع الحكم عن فرض الشكّ يعني أخذ العلم في موضوعه، بينما لا يمكن أخذ العلم بالحكم في موضوعه لتأخّره عنه.