المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

119

إذن، فثبوت هذه العناية في الرفع الظاهريّ لا يجعل الحديث ظاهراً في الرفع الواقعيّ، بل غاية الأمر كون الحديث مجملاً ومردّداً بين الرفع الواقعيّ والظاهريّ.

وأمّا الأمر الثاني ـ وهو اقتناص جميع النتائج المطلوبة للاُصوليّ من معنى البراءة من الحديث على تقدير إجماله وتردّده بين البراءة ورفع الحكم الواقعيّ ـ فتوضيحه: أنّ النتائج المطلوبة للاُصوليّ من هذا الحديث اُمور ثلاثة:

1 ـ التأمين في الجملة.

2 ـ إطلاق التأمين، بحيث يشمل فرض العلم باشتراك الحكم الإلزاميّ بين العالم والجاهل على تقدير ثبوته في نفسه.

3 ـ جعل هذا الحديث معارضاً لأدلّة الاحتياط. وجميع هذه النتائج تثبت في المقام بمجرّد الإجمال.

أمّا الاُولى: فواضح؛ إذ لا فرق في تحقّق التأمين بين جعل البراءة ورفع أصل الحكم الواقعيّ، فثبوت أحدهما بالإجمال كاف في المقام.

وأمّا الثانية: فلأنّه بعد أن فرض إجمال الحديث فلا يقطع بكونه مبتلى بمعارضة الدليل القطعيّ الدالّ على اشتراك ذلك التكليف ـ على تقدير ثبوته ـ بين العالم والشاكّ حتّى يسقط عن الحجّيّة، فلئن لم يمكن رفع إجمال الحديث بدلالة ذلك الدليل القطعيّ على بطلان أحد محتمليه ـ على ما بيّنّاه في بحث المجمل والمبيّن(1) ـ يكفينا أنّ التأمين أثر مترتّب على الجامع بين المحتملين، فالحديث حجّة في إثبات هذا الأثر؛ لعدم ثبوت معارض له. فالمكلّف يجمع بين أثر ذاك الدليل القطعيّ وأثر هذا الحديث مادام التعارض بينهما غير ثابت، فمثلاً لو علمبعد انتهاء الوقت بثبوت الحكم المشكوك وكان قد ترك العمل به، وكان ممّا يُقضى،



(1) وهذا ما عدل عنه الاُستاذ الشهيد(رحمه الله) في الدورة الأخيرة من بحثه.