المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

120

كان عليه القضاء عملاً بالدليل الدالّ على اشتراك الحكم بين العالم والشاكّ، ولكنّهكان في نفس الوقت معذوراً في تركه للامتثال في داخل الوقت بحكم حديث الرفع. فكما لو قطع بكون الرفع ظاهريّاً جمع بين الأثرين كذلك الحال على تقدير الإجمال.

وأمّا الثالثة: وهي معارضة هذا الحديث لأدلّة الاحتياط، فلأنّ وجوب الاحتياط كما يكون منافياً للرفع الظاهريّ كذلك يكون منافياً للرفع الواقعيّ؛ إذ لو فرضنا أنّ الأحكام الواقعيّة مخصوصة بالعالمين بها، إذن فلماذا يوجب الاحتياط؟! فهذا الحديث على إجماله يعارض أدلّة الاحتياط.

وأمّا الأمر الثالث ـ وهو ظهور الحديث في البراءة على بعض التقادير ـ فنقول: إنّ في الحديث قرينة على كون المراد من الرفع فيه هو الرفع الظاهريّ على تقدير أن يقال: إنّ معنى العلم في الحديث هو القطع من دون تطعيمه بفرض الإصابة، فإنّه على هذا يكون مقتضى إطلاق الحديث شمول الرفع لكلّ ما لا يقطع به من تكليف، سواء فرض ذلك التكليف ثابتاً في الواقع أو غير ثابت.

وهذا إنّما يناسب الرفع الظاهريّ، لا الرفع الواقعيّ، فإنّ رفع التكليف واقعاً عن الشاكّ معناه ثبوت تكليف في نفسه خصّص بالعالم. وأمّا لو فرض عدم التكليف حتّى على العالم فلا معنى لرفعه عن الشاكّ، فيكون الرفع واقعيّاً لايناسب شمول الرفع للتكليف الثابت في الواقع والتكليف غير الثابت في الواقع. وأمّا الرفع الظاهريّ فهو مناسب لكليهما، فإنّ الرفع الظاهريّ كالوضع الظاهريّ مناسب للتكليف المشكوك الثابت في الواقع والتكليف المشكوك غير الثابت في الواقع.

أمّا التكليف الثابت في الواقع المشكوك للمكلّف فإذا وضع على المكلّف بما هو تكليف مشكوك، فالوضع الحقيقيّ وإن توجّه إلى إيجاب الاحتياط إلاّ أنّه يصحّ أن ينسب الوضع بالعناية إلى الواقع بنكتتين:

الاُولى: أنّ إيجاب الاحتياط مسبّب عن ذلك التكليف الواقعيّ، فكأنّ وضعه وضع للتكليف الواقعيّ، ويضاف الوضع إلى المؤثّر بمناسبة ثبوت الوضع للأثر. وفي