المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

127

والتحقيق في المقام: أنّ الإشكال الذي مضى عن المحقّق الخراسانيّ له مركزان: أحدهما جملة: (رفع ما لا يعلمون)، والآخر ما في صدر الحديث من قوله: (رفع عن اُمّتي تسعة). والالتزام بالجامع الأوّل وهو التكليف إنّما يرفع الإشكال عن جملة: (رفع ما لا يعلمون) ويبقى الإشكال متمركزاً في صدر الحديث، فإنّه نسب فيه الرفع إلى تسعة أشياء بنسبة واحدة، ونسبة الرفع إلى التكليف نسبة للشيء إلى ما هو له، ونسبته إلى ما اضطرّوا إليه مثلاً نسبة إلى غير ما هو له(1). فإنّ ما اضطرّوا إليه موجود بحسب الخارج. والتحقيق في الجواب ما ذكرناه.

ثمّ إنّ هذا الجامع الأوّل في نفسه أيضاً لا بأس به، ولا يرد عليه إشكال. وخير إشكال يمكن إيراده عليه هو أنّ هذا الجامع إنّما يتصوّر بناءً على القول بأنّ للحكم وجودين، وجود الجعل ووجود المجعول، فوجوده الجعليّ يتحقّق بمجرّد تشريع الحكم في الشريعة. وأمّا المجعول فإنّما يوجد بفعليّة موضوع الحكم في الخارج، وعلى هذا يقال: إنّه كما يكون المكلّف في الشبهة الحكميّة شاكّاً في التكليف،



(1) هذا بقطع النظر عمّا سيأتي من أنّ الرفع رفع حقيقيّ للوجود التشريعيّ، وإلاّ فنسبة الرفع إلى الجميع نسبة للشيء إلى ما هو له.

إن قلت: إذا كان الرفع رفعاً للوجود التشريعيّ عاد الإشكال بشكل منعكس. فنسبة الرفع إلى باقي التسعة نسبة للشيء إلى ما هو له، ونسبته إلى ما لا يعلمون نسبة له إلى ما ليس له بناءً على عدم مرفوعيّة التكليف في عالم التشريع كي لا يلزم التصويب.

قلت: إنّ ما لا يعلمون له وجود عنائيّ في عالم التشريع بلحاظ إيجاب الاحتياط والرفع الحقيقيّ للوجود التشريعيّ رفع حقيقيّ لوجود عنائيّ، وهذا متحقّق حتّى بالنسبة لما لا يعلمون ولو بلحاظ وجوب الاحتياط. هذا كلّه ما استفدته منه(رحمه الله)بالسؤال والجواب بعد أن بيّن ما سيأتي في المتن من كون الرفع رفعاً حقيقيّاً للوجود التشريعيّ.