المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

128

كذلك في الشبهة الموضوعيّة أيضاً شاكّ فيه، فإنّه وإن كان عالماً بالجعل لكنّه ليس عالماً بالمجعول، فإذا كان المقصود بالموصول مطلق وجود التكليف سواء كان وجوده الجعليّ أو المجعوليّ، أو كان المراد به خصوص المجعول فالشكّ فيه يكون ثابتاً في الشبهة الحكميّة والموضوعيّة معاً. وأمّا بناءً على ما حقّقناه في محلّه من أنّ الحكم ليس له إلاّ وجود واحد، وهو وجود الجعل ففي الشبهة الموضوعيّة ليس هناك شكّ في التكليف، وإنّما الشكّ في الموضوع الخارجيّ، فإنّ الجعل معلوم.

والجواب: أنّ هذا الكلام إنّما يكون صحيحاً في تحقيق حقيقة الحكم فلسفيّاً، ولا يكون مرتبطاً بما نحن فيه، فإنّ الفهم العرفيّ ينتزع عنوان الإلزام والتكليف في مقامين: الأوّل: جعل الحكم في الشريعة على عنوان كلّيّ كإيجاب الحجّ على المستطيع، فينتزع العرف منه الإلزام والتكليف بالنسبة لذلك العنوان. والثاني: انطباق ذلك العنوان بحسب الخارج على شخص، وتماميّة الموضوع في حقّه خارجاً، فإنّ العرف ينتزع هنا أيضاً الإلزام والتكليف بالنسبة لذلك الشخص من دون أيّ مؤونة أو عناية في نظره، فيصحّ أن يقال بلا عناية: إنّه قد وجب على زيد مثلاً باستطاعته الحجّ بعد أن لم يكن واجباً عليه، وصار مكلّفاً بهذا التكليف الشرعيّ بعد أن لم يكن كذلك. فنقول عندئذ: إنّ المقصود بالموصول هو التكليف بمعناه العرفيّ الذي ينتزع عند العرف في كلا المقامين، فيشمل الحديث ـ بحسب الفهم العرفيّ ـ الشبهة الموضوعيّة والحكميّة معاً، فهذا الجامع في نفسه لا بأس به.

نعم، لا داعي للمصير إليه في قبال الجامع الآخر وهو الشيء، فإنّ (ما) الموصولة معناها هو الشيء ومساوق له في الإبهام، وحملها على معنىً أخصّ وهو التكليف خلاف الظاهر.

وقد يقال: إنّ جامع الشيء لو لم يفد في المقام فجامع التكليف لا يفيدنا شيئاً،