المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

130

الاستعماليّ، أي: أنّ حمل تلك الكلمة بمدلولها الاستعماليّ تارةً على معنىً، واُخرى على معنىً آخر يكون خلاف ظهور وحدة السياق، فلو قال مثلاً: (أكرم الإمام وأطع الإمام) كان فرض حمل المراد الاستعماليّ في الأوّل على إمام الجماعة و في الثاني على إمام المسلمين خلاف مقتضى وحدة السياق.

وهناك إشكال في تأثير وحدة السياق بالنسبة للمراد الجدّي وعدمه بعد فرض اتّحاد الكلمتين في المراد الاستعماليّ، فمثلاً لو قال: (أكرم كلّ عالم وقلّد كلّ عالم) وكان المراد الجدّي له من الأوّل ما يعمّ العالم العادل والعالم الفاسق، ومن الثاني خصوص العالم العادل، فهل هذا ينافي ظهور وحدة السياق بعد فرض اتّحاد الكلمتين في المراد الاستعماليّ، أو لا؟ يمكن الاستشكال فيه وإن كان الصحيح عندنا عدم منافاته لظهور وحدة السياق.

وأمّا إذا فرض أنّه لم يكن اختلاف في مفاد الكلمتين بلحاظ المراد الاستعماليّ، ولا بلحاظ المراد الجدّي، وإنّما كان الاختلاف بينهما بلحاظ المصداق الخارجيّ، فهنا لا إشكال في عدم تأثير وحدة السياق وعدم اقتضائها لاتّفاق الكلمتين في المصداق، فلو قال مثلاً: (لا تغصب ما تأكل، ولا تغصب ما تطالع، ولا تغصب ما تلبس) فالمراد الاستعماليّ والجدّي من (الموصول) في هذه الجمل هو مفهوم الشيء، إلاّ أنّ المصداق الخارجيّ للشيء الذي يقبل الأكل هي الأطعمة، وللشيء الذي يقبل المطالعة هي المكاتيب، وللشيء الذي يقبل اللبس هي الثياب المحيطة بجسم الإنسان، وهذا الاختلاف في المصاديق الخارجيّة ليس خلاف مقتضى وحدة السياق جزماً؛ لأنّ عدم الاتّحاد في عالم التطبيق يكون مربوطاً بماهيّات تلك الأشياء لا بعناية من قِبل المتكلّم بوجه من الوجوه.

وما نحن فيه من هذا القبيل، حيث إنّ ما لا يُعلم قابل للانطباق على الموضوع وعلى الحكم، ومثل «ما اضطرّوا إليه» إنّما ينطبق على الموضوعات والأفعال