المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

134

ما فيه من الخطأ، والنسيان، وما اضطرّوا إليه، وما استكرهوا عليه، ونحو ذلك ليست اُمور مرفوعة حقيقة، وإنّما هي اُمور محقّقة وثابتة في الخارج ومع ذلك نسب الرفع إليها، فلابدّ عندئذ من تصوير وجه لتصحيح هذه النسبة فنقول:

الذي يظهر من كلام الشيخ الأعظم(قدس سره) هو الالتزام بالتقدير. وأصحاب هذا الوجه وقعوا في البحث عن أنّ المقدّر هل هو المؤاخذة، أو مطلق الآثار، أو بعض الآثار دون بعض؟ وما هو الضابط في هذا التبعيض؟ وذكر المحقّق النائينيّ(رحمه الله): أنّه لا حاجة إلى التقدير الذي هو خلاف المتفاهم العرفيّ جدّاً، بل يسند الرفع إلى نفس الاُمور المذكورة في الحديث، إلاّ أنّ العالم الذي لوحظ الرفع بالنسبة إليه هو عالم التشريع لا عالم التكوين، فيكون الرفع رفعاً تشريعيّاً لا رفعاً تكوينيّاً. وادّعى جملة من المحقّقين (قدّس الله أسرارهم) أنّ الرفع في المقام يكون رفعاً تنزيليّاً لا رفعاً حقيقيّاً، وتشوّشت جملة من الكلمات، فوقع الخلط فيها بين الرفع التشريعيّ والرفع التنزيليّ.

والتحقيق: أنّ العناية المتصوّرة في المقام تتصوّر بأحد وجوه ثلاثة:

الأوّل: أن تكون هي عناية التقدير من دون تدخّل وإعمال عناية في نفس الرفع أو المرفوع، فيكون المقصود من الرفع هو الرفع الحقيقيّ، والمقصود من العناوين المرفوعة وجوداتها الخارجيّة الحقيقيّة، إلاّ أنّ المرفوع في الحقيقة ليس منتسباً إلى نفس تلك العناوين ممّا اضطرّوا إليه أو استكرهوا عليه، ونحو ذلك، وإنّما هو منتسب إلى العقاب أو إلى أثر آخر من آثارها.

وترجع إلى ذلك دعوى نسبة الرفع الحقيقيّ إلى الوجود الحقيقيّ لتلك العناوين نسبة مجازيّة، فإنّ معنى ذلك أنّه في عالم المراد الجدّيّ يكون الرفع الحقيقيّ لأثر من آثار تلك العناوين لا لنفس تلك العناوين، فهناك شيء في عالم المراد الجدّيّ للكلام لم يذكره في الكلام، وهو المقصود من التقدير.