المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

135

الثاني: أن تكون العناية في الرفع بأن لا يقدّر شيء، وينسب الرفع إلى نفس العناوين الخارجيّة، ويكون المقصود من تلك العناوين وجوداتها الخارجيّة، إلاّ أنّ رفع تلك الوجودات الخارجيّة ليس رفعاً حقيقيّاً، وإنّما المقصود الرفع التنزيليّ أو الاعتباريّ من باب رفع موضوعات بعض الأحكام تعبّداً الذي يكون حاكماً على تلك الأحكام، كقوله: (لا ربا بين الوالد وولده)(1)، وقوله: (لا شكّ لكثير الشكّ)، وقوله: (لا سهو مع حفظ الإمام)، وقوله: (الطواف بالبيت صلاة) ونحو ذلك، وهذه حكومة في مستوى عقد الوضع.

الثالث: عكس الثاني، ففي الثاني فرض قصد الرفع التشريعيّ للوجود الحقيقيّ لتلك العناوين، وهنا يفرض قصد الرفع الحقيقيّ للوجود التشريعيّ لها، حيث إنّ موضوع الحكم كما يكون له وجود حقيقيّ في عالم الخارج، كذلك يكون له وجود عنائيّ في عالم التشريع والحكم؛ لأنّ الحكم متقوّم بموضوعه بوجه من الوجوه، فقد يرفع حقيقة هذا الوجود العنائيّ عن عالم التشريع، كقوله: (لا رهبانيّة في الإسلام)، فإنّ معناه بقرينة (في الإسلام) هو رفع الرهبانيّة عن صفحة التشريع الإسلاميّ، وهذا ليس رفعاً تعبّداً للوجود الحقيقيّ للموضوع، وإنّما هو راجع إلى رفع الحكم عن الموضوع، فإنّ رفع وجوده في عالم التشريع والحكم يعني نفي كونه مشرّعاً، ورفع كونه موضوعاً للحكم، ورفع موضوعيّته للحكم مساوق لرفع الحكم، وهذه حكومة في عقد الحمل، وإن شئت فقل: إنّها تشبه الحكومة في عقد



(1) أفاد (رضوان الله عليه): أنّ ظاهر هذا كونه رفعاً عنائيّاً للوجود الحقيقيّ للربا، لا رفعاً حقيقيّاً للوجود التشريعيّ للربا، فإنّه على الثاني تلزم إرادة عالم معيّن من التشريع هو عالم الحرمة، وهي خلاف الظاهر، فإنّ معنى رفع الوجود التشريعيّ للربا عدم كونه مشرّعاً، فيحمل على الرفع العنائيّ للوجود الحقيقيّ.