المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

137

الاضطرار مثلاً، فهذا عند التدقيق ليس رفعاً للموضوع؛ إذ لو فرض رفعاً للموضوع فلا يخلو الحال من أن يكون المرفوع إمّا هو ذات الموضوع من دون أن يكون الاضطرار حيثيّة تقييديّة في المرفوع، وإنّما هو حيثيّة تعليليّة، أو هو العنوان الثانويّ بأن يتحفّظ على تقييديّة الاضطرار، فرفع (ما اضطرّوا إليه) مثلاً، رفع للاضطرار لا لذات الموضوع.

فإن فرض الأوّل صحّت الحكومة على عقد الوضع، إلاّ أنّه خلاف ظهور الكلام في تقييديّة العنوان الثانويّ في المرفوع. وإن فرض الثاني، بأن يكون المرفوع هو العنوان الثانويّ، فهذا يعني ـ كما قلنا ـ أن يكون رفع (ما اضطرّوا إليه) رفعاً للاضطرار لا لذات الموضوع، ومعنى ذلك أنّ الفعل الحرام الذي ارتكبه المكلّف اضطراراً قد حكم الشارع تعبّداً بعدم كونه اضطراراً، لا بعدم صدور الفعل منه، وهذا لا يؤدّي إلى رفع الحرمة برفع الموضوع، وإنّما يؤدّي إلى فرض كون الفعل الحرام غير اضطراريّ، وهذا خلاف المقصود. إذن فلابدّ أن يكون معنى رفع (ما اضطرّوا إليه) رفع الحكم وهو الحرمة عمّا اضطرّوا إليه، وهذه حكومة على عقد الحمل.

أقول: قد ظهر ممّا مضى أنّه إن تعلّق الرفع الحقيقيّ بالوجود التشريعيّ، فهي حكومة على عقد الحمل، ولو كان المرفوع العنوان الأوّليّ كقوله: (لا رهبانيّة في الإسلام)، فإنّ هذا رفع للموضوع عن صفحة الحكم، وليس رفعاً له بقول مطلق بمعنى نفيه وإنهائه. وإن تعلّق الرفع التشريعيّ بالوجود الحقيقيّ، فهي حكومة على عقد الوضع ولو كان المرفوع العنوان الثانويّ كقوله: (رفع ما اضطرّوا إليه)، فإنّه قابل لتفسيره بكونه رفعاً للوجود الحقيقيّ بقطع النظر عن نكتة سوف نذكرها ـ إن شاء الله ـ لاستظهار المعنى الثالث من الحديث وهو رفع الوجود التشريعيّ.

وأمّا مسألة أنّ المرفوع هل هو ذات الموضوع أو العنوان الثانويّ؟ والاستشكال