المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

141

وأمّا المقام الثاني: وهو بيان الثمرة العمليّة للاحتمالات، فيذكر فيه أمران: أحدهما في الفرق من حيث الثمرة العمليّة بين الاحتمال الأوّل وهو التقدير، والآخرين وهما العناية في الرفع أو المرفوع، والثاني في الفرق من حيث الثمرة بين الاحتمال الثاني والثالث.

أمّا الأمر الأوّل: فالفرق بينهما هو تماميّة الإطلاق على الأخيرين، وعدم تماميّته على الأوّل. توضيح ذلك: أنّه بناءً على الاحتمال الأوّل وهو التقدير لا ندري ما هو المقدّر، ولا يتعيّن كون المقدّر مثلاً عنوان (جميع الآثار)، أو شيئاً يثبت بالإطلاق إرادة جميع الآثار منه، كعنوان (الأثر)، فإنّه ليست هناك مناسبات عرفيّة تعيّن ذلك، كتعيّن الشرب بالمناسبات العرفيّة للتقدير في مثل (حرّمت عليكم الخمر)، فمن المحتمل أن يكون المقدّر مثلاً كلمة (المؤاخذة)، ومع تردّد المقدّر بين اُمور عديدة يجب الاقتصار في الأثر على القدر المتيقّن، ولا يمكن التمسّك بالإطلاق، فإنّ الإطلاق ومقدّمات الحكمة وظيفتها إنّما هي نفي القيد الزائد عن المفهوم المعيّن الذي أطلقه المتكلّم، لا تعيين المفهوم، أو اللفظ المردّد بين أمرين، فمثلاً لو تكلّم المولى بكلام ولم نسمعه هل قال: (أكرم العالم)، أو قال: (أكرم الفقيه)، والمفروض أنّ العالم أعمّ من الفقيه لم يمكن تعيين إرادة العالم بالإطلاق ومقدّمات الحكمة. وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ المفروض أنّ في الكلام كلمة مقدّرة، والمقدّر كالمذكور، ولا يمكن تعيين تلك الكلمة بالإطلاق ومقدّمات الحكمة.

أمّا إذا اُعملت العناية في المرفوع واُريد رفع الوجود التشريعيّ ـ كما هو المختار ـ فمن الواضح أنّ مقتضى الإطلاق هو رفع تمام الأحكام، فإنّ الفعل المضطرّ إليه مثلاً، له وجودات تشريعيّة بعدد الأحكام التي تترتّب عليه، فحينما ينصبّ الرفع على وجوده التشريعيّ يكون مقتضى الإطلاق رفع تمام وجوداته