المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

146

وأمّا الأمر الثاني: فيتصوّر الفرق والثمرة بين الرفع التشريعيّ للوجود الحقيقيّ الذي تكون الحكومة فيه حكومة في مستوى عقد الوضع، والرفع الحقيقيّ للوجود التشريعيّ الذي تكون الحكومة فيه حكومة في مستوى عقد الحمل من ناحيتين:

الناحية الاُولى: أنّه هل يختصّ الرفع بالاُمور الوجوديّة، كما لو اضطرّ المكلّف إلى شرب الخمر مثلاً، فتنتفي منه الحرمة ووجوب الحدّ، أو يشمل الاُمور العدميّة أيضاً، فلو حلف على إكرام فقير ثمّ ترك إكرامه اضطراراً لا تجب عليه الكفّارة؟ وقد ذهب المحقّق النائينيّ(رحمه الله) إلى أنّ حديث الرفع لا يشمل الأمر العدميّ؛ لأنّ الرفع لا يناسب تعلّقه بالأمر العدميّ، فإنّ رفع الأمر العدميّ إنّما هو وضع للوجود، فمرجعه ـ بحسب الحقيقة ـ إلى الوضع لا الرفع، وارتكاز التقابل بين الرفع والوضع ـ بحسب الفهم العرفيّ ـ يقتضي عدم شمول الرفع للاُمور العدميّة؛ لأنّ شموله لها يطعّمه معنى الوضع وهو خلاف ارتكاز التقابل بينهما(1).

أقول: إن بنينا على ما هو المختار من كون الرفع رفعاً حقيقيّاً للوجود التشريعيّ لتلك العناوين فلا مجال لشبهة اختصاص الحديث بالاُمور الوجوديّة؛ إذ كما أنّ


الخطاب، فإن لم تكن هناك مناسبة عرفيّة تشير إلى تقديره، أو إلى كونه أثراً كان التنزيل بلحاظه تمّ الإطلاق بناءً على البيان الذي أشرنا إليه، ولم يتمّ بناءً على مبنى اُستاذنا(رحمه الله)، وإن كانت هناك مناسبة عرفيّة تشير إلى ذلك، فإن كانت المناسبة تنفي غير ذلك فلا كلام في عدم الإطلاق، وإلاّ فالظاهر أيضاً عدم الإطلاق حتّى بناءً على البيان الذي أشرنا إليه؛ لأنّ تلك المناسبة تجعل ذاك المحذوف، أو الأثر بمنزلة المذكور، ولا يبقى دليل على إرادة غيره.

(1) راجع فوائد الاُصول، ج 3، ص 128 و 129.