المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

147

الأمر الوجوديّ إذا صار موضوعاً لحكم كان له وجود بحسب عالم التشريع، كذلك الأمر العدميّ إذا صار موضوعاً لحكم كان له وجود بحسب عالم التشريع، فلا مانع من تعلّق الرفع به، فيشمل حديث الرفع بإطلاقه الوجوديّات والعدميّات معاً وهو المناسب لارتكاز العرف، فلا ينبغي الإشكال في أنّ العرف لا يخطر بباله من هذا الحديث الفرق بين الأمر العدميّ والأمر الوجوديّ، ولا نحتمل أنّ اصحاب الرسول(صلى الله عليه وآله) حينما سمعوا هذا الحديث خطر ببالهم الرفع بلحاظ مثل شرب الخمر المضطرّ إليه دون ترك الواجب المضطرّ إليه.

وأمّا إذا بنينا على أنّ الرفع رفع تشريعيّ للوجود الحقيقيّ، فعندئذ يوجد مجال لما أفاده المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من التفصيل بدعوى أنّ رفع العدم مساوق لوضع الوجود، فشمول الإطلاق له خلاف ارتكاز التقابل بين الرفع والوضع.

وهذا أيضاً لا يتمّ على الإطلاق، فإنّ الرفع التشريعيّ تارةً نختار تعلّقه بالعنوان الأوّليّ ـ أي: بذات ما اضطرّوا إليه ـ وعنوان الاضطرار مشير إلى الذات، واُخرى نختار تعلّقه بالعنوان الثانويّ، أي: بالمضطرّ إليه بما هو مضطرّ إليه.

فعلى الثاني لا تأتي الشبهة أيضاً في المقام؛ لأنّ «ما اضطرّوا إليه» وإن كان مصداقه هو الأمر العدميّ لكن نفس هذا العنوان عنوان ثبوتيّ وليس عنواناً عدميّاً؛ إذ لم يستبطن أداةً من أدوات النفي ولا مفهوماً عدميّاً، لا بنحو المفهوم الاسميّ كمفهوم (العدم)، ولا بنحو المفهوم الحرفيّ كمفهوم (لا)، فهو مفهوم ثبوتيّ وعنوان ثبوتيّ، فلا عناية في نسبة الرفع إليه، وإن كان منطبقاً على أمر عدميّ، فمثلاً لو ورد شخص على شخص فلم يقم له، فعدم القيام أمر عدميّ لكن قد ينتزع منه عنوان الإهانة وهو عنوان ثبوتيّ منطبق على أمر عدميّ، ويصحّ إسناد الرفع إليه بأن يقال: (رفعت عنك الإهانة) من دون أيّ مؤونة أو عناية.

نعم، على الأوّل وهو تعلّق الرفع بذات المضطرّ إليه قد يقال بالتفصيل بالتقريب