المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

148

الذي ذهب إليه المحقّق النائينيّ(قدس سره)(1).

وبهذا البيان كما ظهرت حال هذه الثمرة التي يمكن ادّعاؤها في المقام، كذلك ظهر أنّ ما اختاره المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في المقام إنّما يناسب فرض الإيمان في فهم معنى الحديث بالرفع التشريعيّ للوجود الحقيقيّ، فلو كان مبناه هو العكس ـ أي: الرفع الحقيقيّ للوجود التشريعيّ ـ فالذي اختاره هنا لا يناسب مبناه.

الناحية الثانية: أنّ الحديث هل يفيد نفي آثار متعلّق الاضطرار مثلاً فحسب، أو يثبت أحكام نقيضه أيضاً، فمثلاً لو فرض أنّ موضوع جواز الائتمام هو العادل الذي لم يشرب الخمر، فوجدنا عادلاً شرب الخمر اضطراراً، فهل يثبت بحديث الرفع جواز الائتمام به الذي هو أثر عدم شرب الخمر، أو لا يثبت به عدا نفي الحرمة والحدّ، ولا يجوز الائتمام به؛ لأنّه لا يصدق عليه أنّه لم يشرب الخمر؟

إن بنينا على أنّ الرفع رفع تشريعيّ للوجود الخارجيّ ثبت ترتّب أثر عدم المضطرّ إليه أيضاً؛ إذ المفروض أنّه نزّل وجوده منزلة عدمه في الأثر، أو أنّه اعتبر هذا الموجود معدوماً ومرتفعاً. أمّا إذا بنينا على أنّه رفع حقيقيّ للوجود التشريعيّ فلا يقتضي ذلك إلاّ رفع آثار وجود المضطرّ إليه وأحكامه؛ إذ بوجود أحكامه يكون للمضطرّ إليه وجود تشريعيّ والمفروض رفعه. وأمّا ثبوت أثر نقيضه ـ أي: أثر عدم المضطرّ إليه ـ وهو جواز الائتمام مثلاً، فلا يدلّ عليه الحديث. ولمّا كان المختار هو الثاني ـ أعني: كون الرفع رفعاً حقيقيّاً للوجود التشريعيّ ـ فنحن نبني على أنّ حديث الرفع ينفي أحكام ما وقع تحت الاضطرار ولا يثبت أحكام نقيضه.



(1) وإن كان فيه إشكال أيضاً؛ لعدم وضوح الانصراف العرفيّ للرفع عن رفع العدم لمجرّد كونه مساوقاً للوضع المقابل للرفع.