المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

151

يتحصّل للفقيه من هذا الحديث عدم وجوب الوضوء على هذا المكره، وبعد انتفاء الوجوب لا يبقى دليل على أصل وجود الملاك حتّى يحكم بصحّة وضوئه في هذه الحال. وما يمكن أن يحاول إثبات هذه النكتة به من الحديث أحد تقريبين:

التقريب الأوّل: أنّ ظاهر الحديث ـ كما أشرنا إليه سابقاً ويأتي تفصيله إن شاء الله ـ هو كونه مسوقاً مساق الامتنان، والحكم الذي ليس له مقتض في نفسه ليس رفعه امتناناً، وإنّما الامتنان في رفع الحكم يكون عند فرض وجود المقتضي للحكم.

أقول: إنّ هذا التقريب إنّما يتمّ بالنسبة للموالي العرفيّين الذين يلاحظون في أوامرهم على عبيدهم مصالح أنفسهم لا مصالح العبيد، فيصحّ للمولى أن يمتنّ على عبده برفع اليد عن تلك المصلحة، وينتفي هذا الامتنان في فرض عدم الملاك وانتفاء المصلحة في ذاتها. وأمّا بالنسبة للمولى الحقيقيّ ـ تعالى شأنه ـ فلا يتصوّر أن يمنّ على العباد برفع حكم عنه بعنوان أنّه رفع اليد عن تحقيق مقتضي الحكم وتحصيل مصلحته، فإنّ مصلحته راجعة إلى العباد أنفسهم لا إلى المولى. وإنّما الامتنان المعقول في حقه في هذا الرفع هو أن يمنّ عليهم برفع الحكم عنهم بعنوان أنّ هذا الرفع كان في صالحهم فحقّق لهم مصلحتهم بهذا الرفع، سواء فرض أنّه كانت في الحكم مصلحة وكان الرفع مفوّتاً لها، لكنّه كانت مصلحة الرفع أقوى من المصلحة الفائتة، أو أنّه لم تكن في الحكم مصلحة أصلاً، وكانت المصلحة في الرفع فحسب، ولا معنى لصحّة الامتنان في خصوص فرض مفوّتيّة الرفع لمصلحة أدنى دون فرض عدم مفوّتيّة لها.

التقريب الثاني: أنّ الشارع قد بيّن النفي في هذا الحديث بلسان الرفع، وهذا اللفظ إنّما يستعمل حقيقة في النفي بعد الوجود، فإنّ الرفع نفي وإعدام للموجود، لا نفي للوجود من أوّل الأمر. ومن المعلوم أنّ الحكم في الحصّة التي تكون مورداً