المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

159

فهموا منه أنّ من يضطرّ إلى شرب الخمر ترتفع حرمة شرب الخمر عنه مثلاً، ولا نحتمل فهم العرف لرفع خصوص القسم الثاني من الأثر في قبال القسم الأوّل. إذن نستنتج أنّ هذا الحديث لا يشمل القسم الثاني من الأثر(1).

هذا مضافاً إلى بعض الروايات التي استشهد فيها الإمام(عليه السلام)بحديث الرفع، فإنّه(عليه السلام) طبّق حديث الرفع على ما كان من قبيل القسم الأوّل، فطبّقهُ على ما إذا حلف بالطلاق ونحو ذلك مكرهاً(2)، ومن الواضح أنّ الأحكام التي رفعها الإمام(عليه السلام) بتطبيق حديث الرفع في مثل الطلاق والعتاق ليست مترتّبة على عنوان الإكراه، فإذا ثبت بذلك شمول الرفع للقسم الأوّل من الأثر ثبت عدم شموله للقسم الثاني؛ لما عرفت من عدم صحّة الجمع بينهما.

 

اختصاص الحديث بما في رفعه التخفيف:

الجهة الرابعة: أنّ ظاهر الحديث اختصاص ما دلّ عليه من الرفع بخصوص الأحكام التي يكون في رفعها تخفيف على العباد، والقرينة على ذلك أمران:

الأوّل: تعدية الرفع بـ (عن)، فالرفع عن شخص إنّما هو بمعنى إزالة الأمر الثقيل عنه.

والثاني: سوق الحديث مساق الامتنان والتحبّب من قِبل سيّد الأنبياء(صلى الله عليه وآله)حيث إنّه أضاف الرفع إلى اُمّة أضافها إلى نفسه. وهذا اللسان لسان مشعر بالتحبّب والتمنّن عليهم. وهذا قرينة على أنّ الرفع سنخ رفع يتودّد به إلى الاُمّة، ويتحبّب إليهم، وهذا معنى قولهم: (إنّه مسوق مساق الامتنان) فيختصّ بخصوص ما إذا كان في نفع الاُمّة ورفعاً لأمر ثقيل عنهم.



(1) هذا بيان إنّيّ لإثبات المقصود، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ بيانه اللمّيّ في آخر الجهة الخامسة.

(2) راجع الوسائل، ج 16، ب 12 من الأيمان، ح 12، ص 136، وب 16 منها، ح 6، ص 144.