المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

160

وهاتان القرينتان وإن كانتا مشتركتين في إثبات المدّعى، ولكنّهما بالدقّة تختلفان في بعض الخصوصيّات؛ وذلك لأنّ القرينة الاُولى لا تكون قرينة على أزيد من اشتراط التخفيف بالنسبة للشخص المرفوع عنه، حيث إنّ الرفع في قوله: «رفع عن اُمّتي...» رفع انحلاليّ، ينحلّ إلى الرفع عن كلّ فرد فرد، فكلّ شخص يكفي في صحّة رفع حكم عنه كون رفعه تخفيفاً بالنسبة له، وإن فرض ثبوت تحميل في هذا الرفع بالنسبة لشخص آخر، فإنّ هذا أيضاً داخل في الإطلاق، لكن هذا الإطلاق انهدم بالقرينة الثانية، حيث إنّه أضاف(صلى الله عليه وآله) الرفع إلينا بعنوان مجموعيّ بما نحن اُمّة بنسبة واحدة بينه(صلى الله عليه وآله)وبين أفراد الاُمّة، فلابدّ أن لا يكون ذلك تحميلاً على شخص آخر(1).

وترتّب على هذا الذي استفيد من الحديث ثمرات:

منها: التفصيل بين المعاملات الإكراهيّة والمعاملات الاضطراريّة، فالمعاملات



(1) قد يقال: إنّ كلمة الاُمّة إن كانت تعطي معنى المجموعيّة إذن لابدّ من فرض عدم كون الرفع عن شخص تحميلاً على شخص آخر. وإن حملت على الاستغراق والانحلال كفى في شمول الرفع كونه تخفيفاً عن شخص المرفوع عنه وامتناناً عليه، فالمقياس في ذلك ليس هو كون القرينة على شرط التخفيف كلمة «عن» أو الامتنان، وإنّما المقياس هو استظهار المجموعيّة، أو الانحلال من كلمة «اُمّتي». ولكن لا يبعد أن يكون مقصوده(رحمه الله)أنّنا لو كنّا وكلمة «عن» فحسب لحملت كلمة «اُمّتي» على الانحلال لا المجموعيّة، كما يقال في (اغسلوا وجوهكم): إنّ مقابلة الجمع بالجمع تفيد التوزيع، وهذا مقتضى الطبع الأوّليّ لكلّ العمومات والألفاظ الدالّة على الشمول، فإنّها تحمل عادة على الانحلال، ولكن قرينة الامتنان والتحبّب وإظهار الرحمة والوداد تمنع عرفاً عن الحمل على الانحلال وتكون قرينة على المجموعيّة؛ لأنّ نسبة عطوفة مقام النبوّة والحنان المرتبط بعلاقة النبوّة بين النبيّ واُمّته إلى جميع أفراد الاُمّة على حدّ سواء، فلا معنى للتضحية براحة فرد منهم في سبيل راحة الفرد الآخر بملاك العطوفة والحنان المرتبطين بتلك العلاقة.