المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

161

الإكراهيّة باطلة؛ لأنّ في رفعها امتناناً على العباد بخلاف المعاملات الاضطراريّة،كمن اضطرّ إلى بيع داره لتحصيل مال ينفعه في علاج ولده مثلاً، فإنّ رفع ذلك تثقيل عليه وليس تخفيفاً عنه. فعلى سبيل الإجمال نقول هنا: إنّ هذا هو سرّ تفصيل الفقهاء بين بيع المكره عليه وبيع المضطرّ إليه بالبطلان في الأوّل والصحّة في الثاني. أمّا البحث عن خصوصيّات ذلك من قبيل أنّه لو اُكره على دفع مال ولم يكن يمتلك المال فباع داره لأداء ذلك، فهل يلحق بالقسم الأوّل، أو القسم الثاني؟ فهو موكول إلى بحث المكاسب.

ومنها: أنّ هذا الحديث لا يشمل الإكراه على إيذاء شخص مثلاً أو قتله؛ إذ هو تحميل على ذلك الشخص وإن كان تخفيفاً للمكره، فهذا ليس داخلاً في باب حديث الرفع، وإنّما هو داخل في باب التزاحم، فمثلاً لو قال الظالم له: (لو لم تضرب زيداً لقتلتك) فدار الأمر بين ضرب ذلك الشخص الذي هو حرام في نفسه وتعريض نفسه للقتل الذي هو حرام أيضاً في نفسه، قدّم الأوّل على الثاني بقوانين باب التزاحم.

وقد ذكر المحقّق العراقيّ(قدس سره) هنا ثمرة اُخرى وهي أنّ الحديث لا يشمل ما إذا حصل الاضطرار مثلاً أو النسيان بسوء الاختيار؛ لأنّ عدم الرفع في هذا الفرض لا يكون خلافاً للامتنان(1).

أقول: لا إشكال في أنّ إطلاق الحديث بمعناه الحرفيّ شامل لهذا الفرض ـ بقطع النظر عن النكتة التي سوف نبيّنها إن شاء الله ـ وإنّما الكلام في أنّ سوق الحديث مساق الامتنان هل هو قرينة على تقييد هذا الإطلاق أو لا؟ ولمعرفة ذلك



(1) راجع نهاية الأفكار، القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 212.