المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

163

إذن فمدّعاه(رحمه الله) في باب الاضطرار صحيح دون النسيان. ودليله على مدّعاه غير صحيح.

 

وقفة حول الخطأ والنسيان:

الجهة الخامسة: ذكر المحقّق النائينيّ(رحمه الله): أنّه شذّت في هذا الحديث كلمة (الخطأ والنسيان) ففي مثل ما اضطرّوا إليه ذكر الشيء بصياغة طروّ العنوان الثانوي عليه، ولكن في هاتين الكلمتين ذكر نفس الخطأ والنسيان، لا المخطيّ أو المنسيّ، فهل المرفوع هو المخطيّ أو المنسيّ ـ كما هو الحال في مثل ما اضطرّوا إليه ـ أو نفس الخطأ والنسيان؟ أفاد المحقّق النائينيّ(قدس سره): أنّ المرفوع هو المخطيّ والمنسيّ لا نفس الخطأ والنسيان؛ إذ لو رفع نفس الخطأ والنسيان كان ذلك خلاف الامتنان وتحميلاً على العبد؛ إذ معنى ذلك أنّ ما ارتكبه من الحرام خطأً أو نسياناً كأنّه ارتكبه عمداً(1).

أقول: هذا أيضاً ممّا لا ينسجم مع مبنى كون الرفع في هذا الحديث رفعاً حقيقيّاً للوجود التشريعيّ، وإنّما ينسجم مع العكس وهو كون الرفع رفعاً تشريعيّاً للوجود


الاضطرار؛ لأنّه من حين نزول الحكم كان مضطرّاً ولم يكن له مناص. وكذلك نقول في النسيان: إنّه لو وجبت المحافظة من ناحية النسيان لإحرازنا لأهمّيّة الموضوع، أو لاقتضاء إطلاق دليل وجوب ذلك الواجب المحافظة عليه في داخل الوقت، أو لأيّ دليل آخر، ثمّ ورّط نفسه في النسيان فقد خالف ـ في ساعة ترك المحافظة ـ الحكم متذكّراً وهو خارج عن حديث رفع النسيان موضوعاً، وإلاّ فهو مشمول للحديث.

(1) راجع فوائد الاُصول، ج 3، ص 127، وأجود التقريرات، ج 2، ص 170.